لأنّ لسان الأمارات لسان ما هو الشرط
واقعاً ، فانّ دليل حجّيتها حيث كان بلسان أنّه واجد لما هو شرطه الواقعي فبارتفاع
الجهل ينكشف أنّه لم يكن كذلك بل كان شرطه فاقداً. [١]
وبعبارة أُخرى : انّ لسان دليل التعبد
بالأمارات هو التعبّد بها بما انّه طريق إلى الواقع وكاشف عنه وانّ الواقع متحقّق
هنا ، فإذا تعبّدنا الشارع بالعمل بالأمارة لأجل هذه الحيثية ثمّ تبيّن الخلاف
وانّه لم يكن طريقاً ولا كاشفاً ولا الواقع متحقّقاً ، يتبين أنّه لم يكن هنا تعبد
بالعمل بها في هذا المورد ، ومعه كيف يمكن القول بالإجزاء؟
وبعبارة ثالثة : انّ العمل بالأمارات
لأجل الكشف عن الواقع دون تصرّف فيه ولا انقلاب الواقع عنه إلى مدلول الأمارة ،
فعندئذ فالذي تعلق به الأمر لم يحصل ، لتخلّف الأمارة ، والذي حصل لم يتعلق به
الأمر. [٢]
هذا هو الظاهر من كلّ من قال بعدم
الإجزاء في العمل بالأمارات والبيّنات.
يلاحظ
عليه أوّلاً : أنّ المعيار في
حجيّة الأمارة وإن كان هو الكشف عن الواقع غير أنّ المراد من الكشف هو الكشف
النوعي الغالبي لا الكشف الدائمي ، وذلك واضح لمن لاحظ الأمارة ، فانّ الثقة ليس
بمعصوم وإنّما يُصيب قوله الواقع في أكثر الموارد لا جميعها ، فمن اعتبره حجّة
فإنّما اعتبره بهذا الملاك أي كونه كاشفاً عن الواقع في غالب الموارد ، فإذا كان
هذا هو الملاك فهو موجود في عامّة الموارد حتّى فيما خالف الواقع.