ففي الحقيقة الموحي في الأقسام الثلاثة
هو اللّه سبحانه تارة بلا واسطة بالإلقاء في الروع ، أو بالتكلّم من وراء حجاب
بحيث يسمع الصوت ولا يرى المتكلّم ، وأُخرى بواسطة الرسول ( أمين الوحي ) ، فهذه
الأقسام الثلاثة هي الواردة في الآية المباركة.
هذا كلّه حول مذهب المعتزلة ؛ وأمّا
مذهب الإمامية فحاصله ما يلي :
مذهب الإمامية في كونه متكلّماً
مذهب الإمامية ، وهو
يتركب من أمرين :
أ. حقيقة كلامه إذا خاطب الأنبياء وهذا
هو الذي سبق تفسيره.
ب. وصفه بالتكلّم إذا لم يكن هناك مخاطب
خاص ، فلابدّ من تفسيره بوجه آخر ، وهو أنّ كلامه ليس من قبيل الأصوات والألفاظ ،
بل عبارة عن الأعيان الخارجيةوالجواهر والأعراض ، وقد سمّى سبحانه فعله كلاماً في
غير واحد من الآيات ، كما سيوافيك ، وتسمية الكون بعامّة أجزائه كلاماً لأجل أنّه
يفيد ما يفيده الكلام اللفظي.
توضيحه
: أنّ الكلام في أنظار الناس هو الحروف والأصوات الصادرة من المتكلّم ، القائمة به
وهو يحصل من تموج الهواء واهتزازه بحيث إذا زالت الأمواج ، زال الكلام معه ، ولكن
الإنسان الاجتماعي يتوسّع في إطلاقه ، فيطلقه على الخطبة المنقولة ، والشعر المروي
مع أنّ الكلام الواقعي قد زال بزوال الموجات والاهتزازات ، وليست الخطب والأشعار
المكتوبة منها ، ومع ذلك يطلق عليهما الكلام توسّعاً ، ووجه التوسّع اشتراك الثاني
مع الأوّل في الأثر وهو الكشف عمّا في