وعلى ضوء هذا لا
يصحّ كلامه بأنّ الصلاة مبهمة في ذاتها وفي مقام تجوهرها. كيف! وانّ الآمر هو الذي
يتصوّر الموضوع ويأمر به ، وعند ذلك لابدّ له من تصوّر ما يأمر به.
ثمّ إنّه قدسسره
قاس المقام بالخمر قائلاً « بأنّه مبهم من حيث اتخاذه من العنب والتمر وغيرهما ،
ولذا لا يمكن وصفه إلاّ ببعض الآثار كالمسكرية » ولكن الفرق بين المقيس والمقيس
عليه واضح ، فانّ الخمر من الأُمور التكوينية وليست ذاتها وتجوهرها رهن تصور
متصوّر ولحاظ لاحظ ، فلا مانع من أن يكون لها واقع مبهم غير معلوم إلاّ من ناحية
أثره كالاسكار ، وهذا بخلاف المركّبات الاختراعية الاعتبارية فانّ واقعيتها
وتجوهرها بيد مخترعها ولاحظها فلابدّ أن تكون ذاتها معلومة لمخترعها في مقام الذات
لا أن تكون مبهمة إلاّ من حيث الأثر.
ثانياً
: انّ ما ذكره قريب ممّا ذكره أُستاذه غير انّه يفارقه في أنّ الأُستاذ صرّح
ببساطة الجامع دونه فيرد عليه ما أورد عليه أخيراً. [١] وهو انّ الموضوع له مع إبهامه وإجماله
إمّا مركب أو بسيط ، والبسيط إمّا جامع مقولي أو جامع عنواني ، والمجموع غير تام.
أمّا المركّب فيرد عليه أنّه مردّد بين
الأقل والأكثر أجزاءً ، فلو وضعت الصلاة على الأكثر أجزاءً لا يصدق على القليل وإن
وضعت على العكس يكون الأكثر أجزاءً صلاة مع شيء خارج عن ماهيتها.
وأمّا البسيط ، فالمقولي منه غير متصوّر
، لأنّ الصلاة مركب من مقولات مختلفة كالوضع ، والكيف ، والفعل ، ومن المعلوم أنّ
الجميع من الأجناس العالية التي ليس فوقها جنس فلو كانت للصلاة جامع مقولي يلزم أن
يكون الجامع فوق
[١] قد تقدّم عند
مناقشة قول المحقّق الخراساني تحت عنوان « وخامساً ».