أمّا الأوّل فانّ العرض في الفلسفة
يقابل الجوهر ، فالماهية إذا وجدت وجدت لا في موضوع فهو جوهر كالإنسان ، وإذا وجدت
في موضوع فهو عرض كالسواد.
هذا هو العرض حسب الاصطلاح الفلسفي.
وأمّا العرض في الاصطلاح المنطقي فهو
أوسع من سابقه ، وهو يطلق على الخارج عن ذات الشيء ، المحمول على الشيء لاتّحاده
معه في الخارج ، وعلى هذا فالناطق عرض بالنسبة إلى الحيوان لخروجه عن حقيقته وصحّة
حمله عليه لوحدتهما في الخارج في مورد الإنسان ، والمراد من العرض هنا هو المصطلح
المنطقي لا الفلسفي ، وربّما صار الخلط بين الاصطلاحين منشأً للاشتباه.
أمّا الثاني أي الذاتي فيطلق ويراد منه
أحد المعاني الثلاثة :
١. الذاتي في باب الايساغوجي ( الكلّيات
الخمس ) ، والمراد منه ما كان جنساً أو فصلاً أو نوعاً للشيء ، وبعبارة أُخرى : ما
يكون مقوّماً للموضوع ومن ذاتيّاته ، ويقابله العرضيّ ، وهو ينقسم بدوره إلى عرض
عام وخاص كما هو مفصّل في المنطق.
٢. الذاتي في باب البرهان ، وهو عبارة
عن الخارج عن ذات الشيء ، المحمول على الشيء من دون حاجة في الانتزاع أو في الحمل
إلى وجود حيثية تقييدية في جانب الموضوع ، وهذا كما في قولنا : الإنسان ممكن ،
فانّ الإمكان ليس مقوّماً للإنسان ، إذ ليس هو نوعه أو جنسه أو فصله ، ومع ذلك
ينتزع منه أو يحمل عليه بلا حاجة إلى حيثية تقييدية على نحو يكون وضع الإنسان ملازماً
لوضع الإمكان.