قضية قيام المسلمين على عثمان، إحدى القصص المأساوية المؤسفة في صدر الإسلام.
فكانت تلك الحركة طبيعية جدّاً خلافاً لما يظنه المتعصبون، فعثمان سلّم جماعة من
بنيأمية وقرابته الذين لم يكونوا من الصالحين، مناصب حساسة في الدولة الإسلاميّة،
ومن جانب آخر تصرّف في بيت المال كما يتصرف في أمواله الشخصية، فيهب بطانته ما
يشاء، في حين كان أغلب المسلمين يعيشون الحرمان.
وقد عمّت أصداء هذين الفعلين المشينين كلّ مكان وأدّيا إلى تلك الانتفاضة
العارمة على عثمان، وإن كان علم تلك الانتفاضة طائفة من المصريين وأهل الكوفة؛
إلّا أنّ أهل المدينة تضامنوا معهم وصمت المهاجرون والأنصار ولم يهبّ للدفاع عنه
سوى علي عليه السلام، فالإمام عليه السلام وإن كان من أشد الناقمين على أفعال
عثمان، لكنه لا يرى في قتله مصلحة للُامّة الإسلاميّة.
على كلّ حال، كتب عثمان عدّة كتب متناقضة للإمام عليه السلام طلب منه أوّلًا
الخروج من المدينة إلى ينبع، ثم طلب منه العودة، ثم كتب له أخيراً بالخروج من
المدينة، وسبب ذلك التناقض أنّه ظنّ بادي الأمر بأنّ بقاء الإمام عليه السلام في
المدينة مدعاة