، كما صرح القرآن قائلًا: «وَأَلْقى
فِي الأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ»[2]. طبعا هناك عدة فوائد اخرى للجبال؛ ومنها خزن
المياه التي تخرج منها أحياناً كعيون، وأحياناً اخرى على هيئة صقيع كثير ذاب ماءاً
فشكل الأنهار، ناهيك عن سائر فوائد التي ذكرناها في شرح الخطبة الاولى في المجلد
الأول من هذا الكتاب. ثم أشار عليه السلام إلى امور مهمّة اخرى لاعداد الأرض بغية
عيش الإنسان وممارسة حياته عليها، في أنّ الله جعل فاصلة بين الأرض والجو، وأعد
الهواء والنسيم إلى جانب توفير كافة ما يحتاج إليه سكنة الأرض:
«وفسح بين الجو وبينهما، وأعد الهواء
متنسما [3]
لساكنها، وأخرج إليها أهلها على تمام مرافقها [4]»
، فقد ضمنت هذه العبارة أشاره إلى الأركان الأصلية للحياة ومعيشة الإنسان
والحيوان، وفي مقدمتها الهواء، أو بعبارة اخرى الاو كسجين الذي لايستغني عنه
الإنسان لبضع (دقائق حيث يموت إذا قطع عنه. إلّاأنّ الحق سبحانه وتعالى خلقه
بكمية كافية وفي جميع الاماكن بحيث يحصل عليه الإنسان دون أدنى جهد أو تعب. كما
يحصل عليه الجميع على السواسية غنيهم وفقيرهم وكبيرهم وصغيرهم وعجوزهم وفتاهم
وعاجزهم وناشطهم. ثم أشار على نحو الاجمال إلى كل ما يلزم الإنسان والحيوان
للمعيشه على الأرض بعبارة قصيرة أوجزها في المفردة «المرافق». أمّا ما المراد
بالجو في العبارة الذي فصله الله عن الأرض، فقد قال البعض المراد به الفضاء،
ولمالم يكن الفضاء جسما أو مادة فلا يبدو التعبير با يجاد الفاصلة بينه وبين الأرض
مناسبا. و يمكن أن يكون المراد بالجو الطبقات التي وراء الهواء، كطبقة الأوزون
التي لايمكنها تلبية الحاجة التنفسية للإنسان لو كانت فاصلتها مع الأرض قليلة،
وكانت الطبقة الجوية رقيقة. أضف إلى ذلك فانها تدعو إلى اضطراب سائر شرائط حياة
الإنسان وكافة الأحياء على الأرض.