خاض الإمام عليه السلام هنا في صفات النبي صلى الله عليه و آله ورغبته عن هذه
الدنيا لتكون سيرته قدوة تامة للُامّة، و ليبين كيف يستطيع الإنسان أن يعيش الأمان
من أخطار الدنيا في ظل الإيمان و العمل الصالح فقال عليه السلام:
«قد حقر الدنيا وصغرها، وأهون بها
وهونها».
فالعبارة إشارة واضحة إلى زهده صلى الله عليه و آله: لأن من يحقر الدنيا
ويوصي الاخرين باحتقارها، قطعا ليس له أدنى تعلق بها، وذلك لأنّ الشيء الحقير
والتافه ليس له قيمة في استقطاب القلب والسيطرة على العقل.
ثم أكد عليه السلام هذا المعنى بالقول:
«وعلم أنّ اللَّه زواها [1] عنه اختياراً [2]، وبسطها
لغيره
احتقاراً».
والعبارة شبيه ماورد في الآية الشريفة من سورة الزخرف: «وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النّاسُ
[1] «زوى» من مادة «زي» على وزن طي
الجمع والفيض والابعاد.
[2] «اختيار» بمعنى الانتخاب
والاصطفاء والاعتزاز ضد «الاحتقار».