الأنبياء عليه السلام وآخر بني من أنبياء اللَّه، وكذلك ظهور الفتن في العالم
الإسلامي وعلى الأرض، وليست هناك من منافاة بين هذا الأمر ومرور آلاف السنين،
لأنّ هذا الزمان قصير جداً إذا ماقورن بعمر الدنيا.
فقد ورد في الحديث النبوي أنّه صلى الله عليه و آله قال:
«بعثت أنا والساعة كها يتن وضم
السبابة والوسطى» [1].
ونخلص ممّا سبق إلى أن اتضاح السرائر ووضوح سبيل الحق واقتراب الساعة لمن
دواعي يقظة الغافلين من نوم الغفلة والتوبة إلى اللَّه من الذنوب والمعاصي وسلوك
طريق الحق والاستقامة عليه.
ومن هنا يتعجب الإمام عليه السلام لعدم وجود ردود الفعل المناسبة من قبل الناس
ازاء هذه الامور فقال عليه السلام:
«مالي أراكم اشباحا بلا أرواح،
وأرواحاً بلا أشباح، ونساكاً [2] بلا صلاح،
بعض الجماعات التي لها قدرة ظاهرية بينما ليس لها من تفكير أو تدبر، أو أنّها
مفكرة ومدبرة لكنها تفتقر إلى قدرة الاستخدام. ومن الطبيعي ألا تكون كلا
الجماعتين على صواب وليس من شأنها فعل شيء، كخواء الجسم الذي لاروح فيه والروح
التي لاجسم لها. والعبارة:
«نسا كابلا صلاح»
إشارة إلى العبادات الجوفاء لعباد ذلك الزمان. لأنّ الأثر الأول للعبادة
إنّما يتمثل بالتربية والصلاح الإنساني؛ فاذا لم يكن العبد صالحاً كان ذلك دليل
على أنّ عبادته قشر لا لبّ فيه.
والعبارة
«تجاراً بلا أرباح»
يمكن أن تكون إشارة إلى ماورد في سورة العصر: «وَالعَصْرِ* إِنَّ الإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلّا الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ».
[1] أورد أغلب مفسرين الفريقين هذا
الحديث ذيل الآية 18 من سورة محمد صلى الله عليه و آله.