المكي، الذي نمت فيه شجرة النبي صلى الله عليه و آله، وترعرعت ونمت في ظله،
بينما ذهب البعض الآخر إلى أنّ المراد بالحرم هنا العترة والحرمة؛ أي أن شجرته
صلى الله عليه و آله نبتت في غاية الحرمة والعزة، ولكن يبدو المعنى الأول أنسب.
لعبارة
«بسقت في كرم»
إشارة إلى أنّ النبي صلى الله عليه و آله لم يلد في أرض وأسرة عزيزة كريمة
فحسب، بل ترعرع وتربى في بيئة مفعمة بالكرامة والشموخ (لأن البسوق في الأصل تعني
ارتفاع وطول فروع وأغصان النخل).
والعبارة
«ثمر لاينال»
لا تعني أن يد أحد لاتصل إلى ثمار هذه الشجرة المباركة؛ لأن هذه ليست فضيلة،
بل كما ذكرنا سابقاً إمّا ان يكون المراد أنّه لاتبلغ يد الطالحين ثمار هذه الشجرة
الفاضلة، وإمّا أن يكون المراد أنّ ثمار هذه الشجرة المباركة إلى درجة من الفضل
والكرامة بحيث لايمكن أن يصافها أحد.
ويتبين ممّا ذكرنا آنفاً أنّ الشجرة في العبارة الاولى إشارة إلى إبراهيم
عليه السلام والأنبياء السابقين، وفي العبارة الاخرى إشارة إلى شجرة وجود النبي
صلى الله عليه و آله وعترته فروعها.
ثم أشار بعد ذلك بتسع عبارات فصار إلى سائر الخصال المهمة الحميدة للنبي
الأكرم صلى الله عليه و آله، فقال عليه السلام:
بشأن القرآن التي وردت في الآية الثانية من سورة البقرة. والمراد إنّما
يستضيئى بنور هذا السراج الهادي والزعيم الاوحد من كانت له عين باصرة وقلب واع
ينشد الحقيقة والفضيلة، بعبارة اخرى يتحلون بالتقوى التي تجعلهم مستعدين لقبول
الحق؛ ولذلك فليس من العجيب ألايهتدي بهديه أهل التعصب والعناد والأحقاد والضغان
من عمي البصائر، على غرار مكفو في البصر الذين لايرون الشمس في رابعة النهار فلا
يستفيدون من ضيائها، والعبارة:
«سيرته القصد»
شبيهة ما ورد في القرآن الكريم:
«وَكَذ لِكَ
جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً»[2]، فهى إشارة إلى اعتدال سيرة النبي صلى الله عليه و آله
وابتعاده عن كل
[1] «زند» ما تشعل به النار مثل
الكبريت، أو الوسائل القديمة التي كانت توقد منها النار.