ننشدك الله! ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى الإسلام؟ ألاترى الفتنة؟ ألا تخاف
الله؟ فقال:
«قد أجبتكم، واعلموا أني إن اجبتكم
ركبت بكم ما أعلم، وان تركتموني فانما أنا كاحدكم، الا أني أسمعكم وأطوعكم لمن
وليتموه»
، ثم افترقوا على ذلك واتعدوا الغد. وتشاور الناس فيما بينهم وقالوا: إن دخل
طلحة والزبير فقد استقامت، فبعث البصريون إلى الزبير حكيم بن جبلة وقالوا: احذر
تحابه ومعه نفر، فجاؤوا به يحدونه بالسيف، فبايع، وبعثوا إلى طلحة الأشتر ومعه
نفر، فاتى طلحة، فقال: دعوني أنظر ما يصنع الناس، فلم يدعه، فجاء به يتله تلًا
عنيفاً، وصعد المنبر فبايع- ثم خاض ابن أثير في تفاصيل بيعة عامة الامّة. [1]
فالحق أنّ علياً عليه السلام كان يعلم مدى صعوبة السير على الحق وبسط العدل
في ربوع هذه الجماعة التي تربت على مفردات الظلم والجور، مع ذلك لم يكن يتوانى
عليه السلام من التضحية حتى بنفسه من أجل حفظ المبادىء الإسلامية فلم يكن هدف
الإمام عليه السلام الاستيلاء على الخلافة مهما كان الثمن، بل كان يرى الحكومة
وسلية لحفظ القيم الإسلامية؛ الأمر الذي يصعب إدراكه على من ليس له علم بفحوى
رسالة الأنبياء والاولياء، فقد نقل ابن أبي الحديد عبارة رائعة عن بعض العلماء
بهذا الشأن إذ قال: وبهذا ونحوه استدل أصحابنا المتكلمون على حسن سياسته وصحة
تدبيره، لأنّ من مني بهذه الرعية المختلفة الأهواء، وهذا الجيش العاصي له، المتمرد
عليه، ثم كسر بهم الأعداء، فليس يبلغ أحد في حسن السياسة وصحة التدبير مبلغه.
إنّ سياسته عليه السلام إذا تاملها المنصف متدبراً لها بالاضافة إلى احواله
التي دفع اليها مع أصحابه، جرت مجرى المعجزات لصعوبة الأمر وتعذره. [2]
3- لم وزارته عليه السلام خير من إمارته؟
إضافة إلى إمكانية حمل عبارة الإمام عليه السلام
«أنا لكم وزيراً، خير لكم مني
أميراً»،
على نوع من التواضع واتمام الحجة، فانه يمكن توجيهها بشكل آخر، وهو أنّ علياً
عليه السلام لو أصبح أميراً لكانت معارضته والوقوف بوجهه مدعاة إلى الكفر، وذلك
لأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال له كما روي