وإلى جانب هذه الطائفة هناك اليهود والنصارى والمجوس. وقد شهدت كل طائفة منهم
انحرافاً عقائدياً، فالمجوس قالت باله الخير والشر. وقد انطوت المجوسية- التي قد
تكون في بدايتها منسوبة لبعض الأنبياء- على خرافات جمة حتى ذهب بعض المحققين إلى
أنّهم يعتقدون باله الخير واله الشر الذين تقاتلا حتى تدخلت الملائكة فأصلحت ذات
بينهما بشرط تفويض العالم السفلي لاله الشر مدّة سبعة آلاف سنة (ويفوض العالم
العلوي لاله الخير). [1]
بينما ابتليت النصرانية بالتثليث (الأقانيم الثلاث) كما حرفت اليهود كتاب
التوراة وشحنته بالانحرافات والخرافات التي لا يسعنا الخوض فيها في هذه الابحاث.
فقد أوجز الإمام جميع هذه الطوائف في ثلاث: الاولى: المشبهة التي جعلت
للَّهشريكاً، كالمجوس والنصارى، أو أولئك الذين يجعلون للَّهصفات المخلوقين
كاليهود. الثانية: أولئك الذين عدلوا باسمه إلى غيره كأغلب الوثنيين الذين أسموا
أوثانهم بأسماء اللَّه سبحانه فجعلوهم شفعائهم عند اللَّه. الثالثة: أولئك الذين
عبدوا غير اللَّه كالدهرية التي تعتقد بأنّ الطبيعة هى خالقة الوجود، أو عبدة
الأصنام والكواكب والشمس والقمر التيترى الاصالة للكواكب والأصنام؛ أي تراها هى
اللَّه.
أجل لقد بعث رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في ظل هذه الأوضاع ليحمل مشعل
الهداية ويضيء الظلمات بنور القرآن. لقد أتى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله تلك
الامم بأسمى مفاهيم التوحيد وأعظم المعارف والعلوم وأرصن الصفات الإلهية، حيث
جاءهم بالحنيفية السمحاء الخالية من الأساطير والخرافات والانحرافات التي سادت
سائر الأديان، ولم تهدف قوانينه وتعاليمه سوى إلى حماية المحرومين والمستضعفين
وبسط العدل والقسط وحتى أوجز القرآن الكريم وظيفته في انقاذ الامّة من الضلال
المبين وتعليمها الحكمة وتهذيب نفوس أبناءها: «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ
يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ
وَالحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ»[2].