responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 130

إلى اللَّه في التوبة والإنابة، فاحفه اللَّه بلطفه وعنايته فالهمه كيفية التوبة، فتاب اللَّه عليه ووعده بالعودة إلى الجنّة، فكان من الآثار الوضعية لفعل آدم أن يحرم من تلك النعم والدعة في الجنّة لأن يهبط إلى الأرض فيمارس الحياة المليئة بالتعب والمشقة. ما مر معنا لحد الآن نظرة كلية عامة إلى خطبة الإمام بشأن قصة آدم عليه السلام، ونخوض الآن في شرح تفاصيل الخطبة.

قال عليه السلام:

«ثم اسكن سبحانه آدم داراً أرغد [1] فيها عيشه»

ثم قال عليه السلام:

«وآمن فيها محلته»

في إشارة واضحة إلى أنّ البارئ سبحانه قد أفاض عليه ركنين رئيسيين من الأركان المهمّة للحياة وهما: الأمن ووفور النعمة. والواقع هو أنّ الإمام عليه السلام قد استوحى ذلك المعنى من الآية 35 من سورة البقرة: «وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما». كما حذر اللَّه سبحانه آدم عليه السلام من عدوه ابليس‌

«وحذره ابليس عداوته»

وبذلك فقد أرشده إلى سبيل السعادة والفلاح، كما أتم عليه الحجة بابانته لطرق البؤس والشقاء. وهذا ما صرحت به الآية 17 من سورة طه إذ قالت: «فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الجَنَّةِ فَتَشْقى‌» واتماماً للحجة أكثر فقد دله على الشجرة التي لا ينبغي إليه الاقتراب منها، بينما أباح له التمتع بثمار كافة أشجار الجنّة، غير أنّ آدم عليه السلام وبسبب عدم امتلاكه التجربة الكافية بشأن مكائد الشيطان وحبائله قد آل أمره إلى الوقوع في مصيدة الشيطان، فأشار الإمام عليه السلام إلى هذه المسألة بقوله:

«فاغتره عدوه نفاسة [2] عليه بدار المقام ومرافقة

الأبرار»

. ويبدو أن هذه هى الوظيفة التي نهض بها الشيطان، حيث يسعى للاقتراب من الصالحين والخيرين ليوسوس لهم ويسلبهم النعم والإلهية ويقودهم نحو البؤس والشقاء. ثم أشار عليه السلام إلى الأمر الرئيسي في خطأ آدم عليه السلام:

«فباع اليقين بشكه»

كما ضعف تجاه الوساوس‌


[1] «أرغد» من مادة «الرغد» بمعنى الحياة الرغيدة الوادعة، كما ترد بمعنى النعمة الوافرة بالنسبة للإنسان والحيوان أيضاً (المفردات ومقاييس اللغة).

[2] «نفاسة» من مادة «النفس» على وزن «حبس» بمعنى الروح، ولما كان التنفس مصدر الحياة فقد استخدمت هذه المفردة لذلك المعنى، ثم وردت «المنافسة» بمعنى السعي من أجل الوصول إلى مكانة مهمّة، لأنّ الإنسان يجهد نفسه في ذلك السعي، ومن هنا استعملت «النفاسة» بمعنى الحسد والبخل (المفردات ومقاييس اللغة ولسان العرب).

نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 130
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست