نعم أنتم الذين عذبتم أخاكم أولًا، ثم ألقيتموه في الجب عن جهل ثانياً! أنتم
الذين كذبتم على أبيكم ذلك الشيخ العجوز وأَدْمَيْتُمْ قلبه عندما أخفيتم ابنه
عنه، وفي النهاية بيعه بعدة دراهم بخسة كما يُباع الرق ولم تفوا بعهدكم الذي
عاهدتم به أباكم تجاه الأخ الآخر «بنيامين» عندما اتُّهِمَ بالسرقة فتركتموه
وحيداً.
إنَّ كلمة «حمية» مشتقة من مادة «حَمْي» على وزن «حَمْد»، وكما يذكر الراغب في «مفرداته» أنّ معناها الأولي هو
الحرارة الناشئة من أشياء مثل النار والشمس والقوة الباطنية في جسم الإنسان
(الحرارة الذاتية والباطنية للأشياء)، ولهذا يقال لارتفاع درجة حرارة المريض
(حُمّى) على وزن (كُبْرى)، وبما أنَّ التعصب والغضب يولدان حرارة وحرقة في باطن
الإنسان قيل «حمية»، وقد جاء في كتاب «التحقيق في كلمات القرآن الكريم» أنّ
«الحمية» هي شدة الحرارة والعلاقة والتعصب في الدفاع عن النفس [2].
إنَّ هذه الآية نزلت في حوادث صلح الحديبية وتوضيح قصة سبب النزول: أنَّ
الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله قصد مكة للحج في السنة السادسة من الهجرة،
إلّاأنّ المُشركين منعوا المسلمين من دخول مكّة تعصباً لجاهليتهم، مع أنَّ السماح
بزيارة مكة كان مباحاً للجميع
[1]. يقول الرسول الأكرم صلى الله
عليه و آله: «فقيه واحد أشدُّ على إبليس من ألف عابد». (بحار الأنوار، ج 1، ص
177).
[2]. «هي شدة الحرارة، والعلاقة
والتعصب في الدفاع عن نفسه والتعفّف والترفع». (مادة حمى).