هناك سؤال يرتبط ببحثنا وهو: كيف يمكن أن يتركنا اللَّه لوحدنا نواجه جنود
الشيطان القوية والقاسية؟ وهل يتفق هذا مع حكمة اللَّه وعدله؟
يمكننا الإجابة عن هذا السؤال بالالتفات إلى نقطة، وهي: إنّ اللَّه- وكما جاء
في القرآن الكريم- يجهز المؤمنين بجنود رحمانية، أي الملائكة، ويوظف القوى
الغيبية التي في العالم يؤازرونهم وينصرونهم في طريق جهاد النفس والعدو:
هي: إنّ الشيطان لا يدخل قلوبنا فجأة ولا يعبر حدود دولة الروح من دون جواز،
إنّ هجومه ليس مباغتاً بل يدخل برخصتنا، نعم إنّه يدخل من الباب لا من النافذة،
ونحنُ نفتح له الباب، كما يقول القرآن في هذا المجال: «إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* انَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ
يَتَوَلَّوْنَهُ وَالّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ».
(النحل/ 99- 100)
في الحقيقة إنّ أعمال الإنسان هي التي توفر الأرضية لنفوذ الشيطان، وذلك ما
يقوله القرآن: «انَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا اخْوَانَ
الشَّيَاطِينِ». (الاسراء/ 27)
إلّا أنّه لا طريق للنجاة من مكائد الشياطين المتنوعة وجنودهم في أشكالها
المختلفة من الشهوات ومراكز الفساد والسياسات الاستعمارية والمذاهب المنحرفة
والثقافات الفاسدة، إلّااللجوء إلى الإيمان والتقوى والتظلّل بألطاف اللَّه
والتوكل على ذاته المقدّسة، وكما يقول اللَّه تعالى: «وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ
لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا