إلّا أنّ ظاهر الآية يكشف عن أنّهم في البداية آمنوا حقاً، ثم كفروا بعد
ايمانهم، وكان كفرهم هذا متزامناً مع النفاق، لأنّ التعبير ب «ثم» يدل على أن كفرهم حصل بعد الإيمان لا أنّه
كان متزامناً مع الإيمان ليكون أحدهما ظاهراً والاخر خفياً، وعلى هذا فالآية
تتحدث عن حجاب الارتداد.
ولا عجب في أن يطبع اللَّه على قلب من آمن وذاق طعم الإيمان وحلاوته، وشاهد
أنوار الرسالة، ثم كفر كفراً تزامن مع النفاق.
إذا التبس الحق على شخص منذ البداية فعذره يمكن أن يكون وجيهاً، أمّا إذا
ارتد عن الإيمان بعد ما عرف الحق وآمن به، فهذا غالباً ما يكشف عن حالة العناد عند
هذا الشخص، واللَّه يسلب نعمة المعرفة عن أشخاص كهؤلاء ويطبع على قلوبهم.
بالطبع لا دليل لنا على أنّ كل المنافقين كانوا غير مؤمنين منذ البداية، بل
إنَّ فريقاً منهم آمنوا في البداية حقاً ثم ارتدوا كما جاء ذلك في الآية: «وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسلامِهِمْ».
(التوبة/ 7)
و هذا النفاق المتزامن مع العناد هو الذي يجعل حجاباً على القلوب.
ونؤكد تارة اخرى أنّ هذا الحديث لا يدل على الجبر اطلاقاً، لأنّ مقدّمات هذا
الحرمان أوجدها المنافقون بأنفسهم.