responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفحات القرآن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 221

مجموعة أوهام لا أكثر، ومن هذا القبيل الكشف والشهود الذي يدعيه كثير من «الصوفية»، فإنّ المريد البسيط يعتقد في بداية عمله (من جراء الإعلام والدعاية التي يتلقاها من البعض) أنّه ينبغي له أن يرى‌ مرشده الحقيقي في المنام، وتقوى‌ هذه الفكرة عنده كل يوم، فيتوقع في كل يوم رؤية جمال مرشده ومراده في عالم الرؤيا يزوره ويرشده (غالباً ما يضع أشخاصاً معينين نصب عينيه لهذا المنصب، وإذا لم يعينهم بالدقة فانّه يعين صفات ومميزات خاصة لهم).

قد يفقد هذا الصوفي توازن فكره الطبيعي من جراء الرياضات الروحية الشاقة وانحراف المزاج، فتزداد قدرة الوهم عنده، فيرى‌ في المنام يوماً أشخاصاً قريبين- من حيث الصفات والميزات- من الأشخاص الذين رسمهم في ذهنه، وقد يتطابقون في الصفات بالكامل، وقد يحصل هذا في عالم اليقظة، لأنّ عيني هذا السالك البسيط انّشدت إلى‌ الطريق، واذنيه صاغيتان إليه دائماً فهو يتنظر دائماً أن ينفتح له باب من ذلك العالم: فتنمو هذه الفكرة عنده ليلًا ونهاراً، وقد تصنع قوة الوهم عنده- لا إرادياً- صوتاً ينقر اذنه، أو تتمثل أمامه صورة، فيتخذها أساس اعتقاده.

كما أنّ الاستماع إلى‌ المواضيع المؤنسة والمنشطة (التي قد تبين في اطار إشارات جميلة وتتزامن مع ألحان مخدِّرة، يزيد من تأثير التلقينات عليه أضعافاً مضاعفة.

إنّ تلك الفرقة من الصوفيين الذين يؤيدون «الوجد والسماع» [1]، يذوبون فيهما بشكل حيث يفقدون توازنهم، ويُعطَّل العقل عندهم، فيتركون الساحة فارغة لقوة الوهم، وأولئك الغارقون في وهم الكشف والشهود ومشاهدة عالم الغيب يسيرون في عوالم خيالية تتوقف سعتها على‌ شدّة الوهم والخيال عندهم، فتتمثل أمامهم صور مثل بحار النور، وجبل الطور، والسموات السبع والأرضين السبع، وكلما مالت قوة الوهم عندهم إلى‌ شكل أو صورة، تمثل ذلك الشكل أو تلك الصورة أمام أعينهم.


[1]. المراد من السماع، الألحان الموسيقية أو نغمات المطربين الدارجة في بعض مجالس الصوفيين، والمراد من‌الوجد، الذوق والشوق واللهفة التي تحصل للصوفيين الذين يحسنون السماع ويقترن مع حركات تشبه الرقص.

نام کتاب : نفحات القرآن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 221
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست