وأخيراً، فقد تحدثت الآية الثانية عشرة عن تكليم اللَّه لموسى عليه السلام،
وقد كان الكلام هذا مصدراً لمعرفة موسى الإلهيّة، وهو نوع من الوحي.
هذه نماذج من آيات القرآن التي صرحت- رافعةً لأيابهام وشبهة- بأنّ الوحي مصدر
وأساس للمعرفة.
هذا في وقت ينكر فيه الفلاسفة الماديون هذا المصدر على الاطلاق، ويفسرونه
بتفاسير نقرأُها في البحوث القادمة.
وبعدما اتّضح أصل هذا المصدر، نذهب إلى بحث قضايا مختلفة تحوم حوله.
توضيحات
1- أقسام «الوحي» في القرآن المجيد
من خلال ملاحظتنا لآيات القرآن فقد استعملت مفردة «الوحي» في القرآن المجيد في
عدة معانٍ، بعضها تكوينية واخرى تشريعية، وبصورة عامه فانّها مستعملة في سبعة
معان:
1- «الوحي التشريعي» وهو الذي يهبط على الرسل، وقد جاءت في أول البحث نماذج
من الآيات التي استعملت فيها هذه المفردة بهذا المعنى.
2- «الالهامات التي توحى لغير الأنبياء» كما هو الأمر بالنسبة لأم موسى «وَاوْحَيْنَا الَى امِّ مُوسَى انْ أَرْضِعِيهِ ...». (القصص/ 7)
وهناك إلهام يماثل هذا إلّاأنّه يختلف عنه شكلياً، كالذي حدث لمريم، حيث تمثل
لها الوحي وبشرها بولادة عيسى (مريم/ 17- 19).
3- «وحي الملائكة» أي الخطابات الإلهيّة التي توجه إِليهم، كما جاء ذلك في قصة
غزوة بدر الكبرى في سورة الأنفال الآية 12: «اذْ يُوحِى رَبُّكَ الَى الْمَلَآئِكةِ أنِّى مَعَكُمْ
فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا».
4- «الخطاب مع الإشارة» كما جاء ذلك في قصة حديث زكريا مع قومه: «فَخَرَجَ عَلَى