الثواب و
العقاب، بل بيان قدرة اللَّه سبحانه، يعني لايتصور بأنّ المسألة قد خرجت من يد
اللَّه بمثل ذلك الثواب و العقاب، كلا فكل شيء مازال في قبضته سبحانه وتعالى، و
شاهد ذلك العبارة: «عطاء غير مجذوذ» بعد الاستثناء المذكور. أضف إلى ذلك فإن كان
هناك من يتردد في دوام عقاب المذنبين فإنّه ليس هناك من ترديد في خلود ثواب
المحسنين، و هذه قرينة أخرى على ما ذكرنا (عليك بالدقّة).
سؤال مهم
هنا ينقدح
سؤال مهم في جميع الأذهان و مفاده: كيف نفسر هذه الحالة من عدم المساواة بالنسبة
للَّهتعالى؟ كيف يمكن قبول هذا الأمر في أن يقضي الإنسان جميع عمره الذي لايتجاوز
الثمانين أو المأة سنة في عمل الخير أو الشر بينما يكون ثوابه أو عقابه ملايين
الملايين من السنوات بل أكثر؟ مع ذلك هذا المطلب ليس مهماً بالنسبة للثواب، لأنّ
الثواب مهما كان كثيراً فذلك دليل على فضل و كرم المثيب، و عليه فلا إشكال في هذا
الخصوص، إلّاأنّ الإشكال في كيفية العذاب الخالد إزاء الذنب و الظلم و الكفر و
الإنكار المحدود، فهل ينسجم هذا الأمر وأصل العدالة؟ فمن لم يتجاوز ظلمه و طغيانه
أكثر من مئة سنة لم يخلد في النار وعذابها؟ أفلا تقتضي العدالة نوعاً من الموازنة
بحيث يعاقب لمئة سنة أو أكثر على قدر ما صدر منه معصية؟!