الحال
بالنسبة لقوانين العقوبات العادية لأفراد البشر فعقوبة من يسرق خاتماً زهيد الثمن
ليست كعقوبة من يهجم على دار الآخرين فيسرق ويسلب ما يشاء ثم يعمد لقتل النساء و
الأطفال في الدار. و من هنا فإنّ هنالك تناسباً دقيقاً بين الثواب و العقاب
الإلهي- و الذي يجري وفق خطة محسوبة و بعيداً عن كافة أشكال الخطأ التي لا تخلو
منها القوانين البشرية عادة- و طبيعة الأعمال، و لاسيّما أننا أشرنا سابقاً إلى
أنّ هناك رابطة تكوينية و طبيعية قائمة بين العمل و الثواب و العقاب، وعليه
فاختلاف ثواب و عقاب الأفراد أمر واضح لا نقاش فيه. إلّاأنّ المستفاد من المصادر
الإسلامية- بما فيها القرآن و كتب الحديث- هو أنّ جميع المؤمنين سيخلدون في
الجنّة، أمّا الأفراد العصاة الذين مردوا على الكفر و الإلحاد و الذنب و المعصية
فانّهم سيخلدون في العذاب، و قد عبّر القرآن عن ذلك بالخلود التي تعني في اللغة
بقاء الشيء على حاله، و من هنا يطلق الخالد على الشيء الذي يأبى الفساد. وردت
كلمة «الخالدون» 25 مرّة في القرآن الكريم و أنّ 14 مرّة منها في عذاب جهنم و
الخلود فيه، ووردت مفردة «الخالدين» 44 مرّة في القرآن وأنّ 13 مرّة منها متعلقة
بما سبق أيضاً، كما وردت بعض العبارت الأخرى إلى مفردة الخلود، مثلًا جاء في سورة
هود بشأن المحسنين: «وَ امَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي
الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَادَامَتِ السَّموَاتُ وَ الأَرْضُ إِلّا مَاشَاءَ
رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ»[1]. و قال بشأن
الأشقياء: «خَالِدِينَ فِيهَا مَادَامَتِ السَّموَاتُ وَ الأَرْضُ الّا
مَاشَاءَ رَبُّكَ»[2]. واضح أنّ
الاستثناء الذي ورد آخر الآية (الّا ما شاء ربّك) لا يعني قطع