إنّ القراءات
غير السليمة لمسألة الثواب و العقاب في عالم ما بعد الموتجعلها تنطوي على هالة من
الإبهام و الغموض، فهنالك عدّة علامات استفهام ونقاط مبهمة بشأن الثواب و العقاب
في القيامة و العالم الآخر، والتي عادة ماتستند إلى التفسيرات الخاطئة للثواب و
العقاب. فمثلًا يتساءل البعض: ما تأثير ذنوبنا على اللَّه ليؤاخذنا بها و يعاقبنا
عليها؟ إنّنا نذنب لكنّه هو الكبير و القادر و العالم فلماذا يعاقبنا؟ إذن ما
الفرق بيننا و بينه؟ فهو الذي يصفح و يعفو. و بغض النظر عمّا سبق فإن أقصى ما يعمر
أعتى الظلمة و أعظم الأثمة لا يزيد على مئة سنة، فما معنى هذا العذاب لملايين
السنين و الخلود فيه؟
إنّ فلسفة
العقاب لا تتجاوز أحد ثلاث: الاستناد إلى روح الثأر أو من أجل اعتبار الآخرين أو
تربية الخاطئين. و لايصح أي من هذه المواضيع الثلاثة بشأن العقاب في العالم الآخر،
فأمّا الثأر و الإنتقام فاللَّه منزّه عنه، لأنّ الإنتقام (و خلانا لما يتصور) لا
يفيد القدرة، بل هو علامة على ضعف الإنسان و عجزه الروحي، و الانتقام مسكّن
للأرواح المجروحة، أو الأصح عامل من