إذا كان
استعمال الماء مضرا باعتقاده و مع ذلك توضأ و اغتسل ثمَّ بان عدم الضرر فيه، فظاهر
غير واحد منهم الحكم بالبطلان فيه؛ كما يظهر من كلماتهم في أبواب مسوغات التيمم. و
الوجه فيه اما كونه مأمورا بالتيمم و عدم كونه مأمورا بالوضوء نظرا الى صدق عدم
التمكن من استعمال الماء في حقه لان المراد من «عدم الوجدان» في قوله تعالى
«فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً»* عدم التمكن
من استعماله، سواء كان لعدم وجوده أو لعدم القدرة على استعماله لمانع شرعي أو عقلي
و يظهر اختيار هذا الوجه من المحقق النائيني.
أو لعدم تمشي
قصد القربة منه مع كونه باطلا و حراما باعتقاده، و لو فرض تمشيها منه فلا يكون
الفعل مقربا، لا لأنه حرام واقعا بل لان الفعل إذا وقع بعنوان التجري فهو كالمعصية
الحقيقية في كونه مبعدا للعبد من ساحة المولى و مانعا من التقرب اليه و اعتمد على
هذا الوجه في «المستمسك».
و الانصاف ان
شيئا من الوجهين لا يكفي في إثبات البطلان، اما الأول فلان مجرد تخيل الضرر لا
يجعله غير واجد للماء و غير متمكن من استعماله، بل هو متخيل لعدم التمكن لا انه
غير متمكن واقعا و ان هو إلا نظير من يكون مستطيعا في الواقع و هو لا يعلم
باستطاعته؛ أو يكون قادرا على الصلاة قائما و هو يزعم انه غير قادر، فهو مأمور
واقعا بالطهارة المائية و ان كان معذورا ما دام جهله و اما قياس ذلك على ما ذكروه
في باب صحة صلاة من يكون الماء في راحلته و هو لا يعلم به قياس مع الفارق، لان
الجهل هناك مانع عقلي من استعمال الماء كما هو ظاهر بخلاف الجهل فيما نحن فيه فإنه
ليس مانعا عقلا و لا شرعا، كيف و المفروض ان المكلف أقدم على الوضوء فكيف يقاس به
فتدبر.
و اما عدم
تمشي قصد القربة فهو ليس دائميا كما يظهر من ملاحظة حال عوام الناس في أمثال
المقام و كون التجري مبعدا و مانعا من التقرب أيضا محل للكلام.