كمن يريد
بيان فضيلة الجهاد، فيقول: «يغفر اللَّه للمجاهد بأوّل خطوة يضعها في طريق الجهاد
في سبيل اللَّه» أي أنّ من يخرج من بيته قاصداً الجهاد في سبيل اللَّه و إحياء أمر
اللَّه يسرع إليه غفران اللَّه بأوّل خطوة يخطوها، لا أنّ المطلوب من الجهاد يحصل
بأوّل الخطوة.
و هكذا ما
نحن فيه، فكأنّ الامام عليه السلام قال: «من ذبح ذبيحته في سبيل اللَّه لإشباع
المساكين و إطعامهم فإنّه ينال غفران اللَّه عند أوّل قطرة تقطر من دمها». فمثل
هذه العبارة لا تشمل من أقدم على الأضحية لأن يشبع بها حفر الأرض و مصاهر النار، و
يعلم بعدم إطعام المساكين منها، بل تحرق أو تدفن، خصوصاً بعد ملاحظة ما مرّ من قول
رسول اللَّه صلى الله عليه و آله:
«إنّما جعل اللَّه هذا الأضحى لتشبع مساكينكم من
اللحم فأطعموهم» [1]
فالرسول الذي
ينطق بمثل هذا البيان كيف يأمر امّته بإهراق دماء الأضاحي و لو لم يترتب عليه
الإشباع و الإطعام.
و بما ذكرنا
يظهر الجواب عن التمسك بروايات تعبّر عن الهدي بالدّم، فإنّ «الدّم» أو «إهراق
الدّم» (نظير ما ورد في قوله صلى الله عليه و آله:
«ما أنفق الناس نفقة أعظم من دم يهراق في هذا
اليوم» [2]
و قول الصادق
عليه السلام في رجلين اقتتلا و هما محرمان:
كناية عن
الهدي و عظمته، لا على عظمة إراقة الدّم و لو بلغ ما بلغ، فإنّه نظير ما إذا قلنا
في محاورتنا اليومية لمن نجا ولده من خطر السقوط و الموت مثلًا، أو نجا هو و أهل
بيته من حادثة سيارة في الطريق: «عليه إهراق الدم»، فمن الواضح أنّه كناية عن
[1]- الوسائل، الباب 60 من أبواب الذبح، حديث 4
و 10.