د- الإجماع: و قد أجمع علماء الإسلام على إيجابه الدية
جبراً للخسارة بسبب الجناية العمدية على الغير و هي محرّمة، و في ذلك قال شيخ
الطائفة: «دية الجنين التامّ إذا لم تلجه الروح مائة دينار، و قال جميع الفقهاء
ديته غرّة عبد أو أمة، و قال الشافعي: قيمتها نصف عُشر الدية خمسون ديناراً أو خمس
من الإبل.
دليلنا: إجماع الفرقة و أخبارهم، و طريقة الاحتياط تقتضي أيضاً ذلك» [1].
فالأقوال في ذلك ثلاثة: مائة دينار، و خمسون ديناراً، و عبد أو أمة، هذا كلّه
مع كون الجنين تامّ الخلقة لكن لم تلجه الروح بعد، و أمّا فيما دونه فالدية أقلّ
من ذلك. و قد عرفت أنّ الأصل في وجوب الدية كونها بسبب الجناية، و الجناية العمدية
محرّمة قطعاً.
إن قلت: أ ليست الدية واجبة على مَن يريد الأخذ بحقّ القصاص من رجلين قتلا
رجلًا؛ إذ لا بدّ من دفع نصف دية كلّ منهما ليجوز القصاص منهما.
قلت: لا يجوز القصاص منهما إلّا بإذن الشارع، و من دونه يكون محرّماً قطعاً، و
مثل هذا الاستثناء لا يمنع من حرمة الجناية العمدية بعنوان كونها قاعدة كلّية بسبب
وجوب الدية.
فتحصّل ممّا ذكرنا أنّ حرمة إسقاط الجنين بعنوانه الأوّلي ممّا لا ينبغي الريب
فيها، و لا يعتريها أدنى شكّ، فإن قيل بجوازه في بعض المواضع فذلك لطرو العناوين
الثانوية عليه.
هذا مضافاً إلى ما ورد في بعض الروايات الخاصّة مثل رواية إسحاق بن عمّار،
[1] الخلاف: ج 5 ص 291، كتاب الديات،
المسألة 120، ط- جامعة المدرسين.