أمّا الأول: فلما عرفت أنّ ذلك كلّه من قبيل البيع بالتعاطي، و لا يلزم في
التعاطي الأخذ باليد، بل يكفي جعله في المحل المعدّ له، فإنّه أخذ عرفا.
و ثانيا: إنّ هذا المقدار من الجهل مغتفر قطعا، و إن شئت قلت: إنّ المقدار
المتعارف لارتواء الضمآن أو الغسل أو المكث في الحمام معيّن عند العرف، و إن كان
يدور بين الأقل و الأكثر، و لكن هذا المقدار من الاختلاف لا يوجب الغرر، و إلّا
اشكل الأمر في جميع الاجارات أو غالبها، نعم لو خرج عن المتعارف كمن مكث في الحمام
ساعات كثيرة أو اغتسل بكر من الماء أو شبه ذلك، بل و أقل منه، لم يجز قطعا بالمبلغ
المتعارف، بل لا بدّ من قيمة المثل أو اجرة المثل.
و ثالثا: الوكالة لا تصحّ إلّا بالمعين، سواء كان شخصا أو عدّة أشخاص و
الوكالة النوعية لا دليل على صحتها مضافا إلى كونها مخالفة لما هو المتعارف عند
العقلاء، و ما ذكره من توكيل علماء النجف مع عدم معرفة عددهم و أشخاصهم، مشكل
جدّا.
و أمّا الخامس: فالمقاولة بذاتها غير مفيدة ما لم يكن هناك إنشاء لفظي أو
فعلي، و كلاهما مفقودان هنا على الفرض.
و أمّا إذا كانت الصيغة غير جامعة عندهم لشرائط الصحة، فإن كانت ظاهرة في
الإنشاء فهي معتبرة على كلّ حال، و إن لم تكن ظاهرة، لم تكف في مقام الإنشاء، فليس
هناك صيغة لفظية و لا إنشاء عملي، فيبطل البيع لعدم صدق عنوانه.
و أمّا السادس: فإن كان ابقاء العينين عندهما ظاهرا في الإنشاء الفعلي (و لو
بعد المقاولة) كما هو غير بعيد، فيصدق عليه عنوان البيع و يجري عليه أحكامه، و
إلّا خرجت هذه الصورة عن المعاطاة.
هذا كلّه على القول بقصد الملكية في المعاطاة و حصول الملك عقبيه، إمّا لازما
أو جائزا، أمّا على القول بافادتها الاباحة، أو مع قصد الاباحة و أنّ دليل الصحة
هو الإجماع أو السيرة، فلا بدّ من الاقتصار على القدر المتيقن من هذه الصور، و لا
يبعد جريانه في الصور الثلاثة الاولى، أمّا غيرها فمحل تأمل.
فتلخص من جميع ما ذكرنا: أنّ الملاك على المختار هو إنشاء البيع بأي قول و أي
فعل