و أمّا أصحابنا الإمامية قدّس سرّه فقد قالوا: بأنّه ليس هناك واقعة لا نص فيه
و لا يوجد أمر خال عن حكم شرعي، و أن الدين قد كمل اصوله و فروعه بحيث لم يبق محل
لتشريع أحد أبدا.
نعم هذه الأحكام تارة وردت في نصوص خاصة، و اخرى في ضمن أحكام كلية و قواعد
عامة، و جميعها محفوظة عند الإمام المعصوم عليه السّلام، صادق بعد صادق، و عالم
بعد عالم و وصلت أكثرها إلينا من طريق الكتاب و السنة و الإجماع و دليل العقل و
ربّما لم يصل بعضها إلينا، و لكنه رغم ذلك فحكمها ثابت في الواقع، فعلى المجتهد
الجد و الجهد في الوصول إليها، و إن يئس عن الوصول إلى بعضها أحيانا فانّما يأخذ
بما هو وظيفة الشاك، من الاصول العملية التي لا تخرج عنها واقعة، و لا يشذ عنها
شاذ، بل هي جامعة و شاملة لجميع الموارد المشكوكة فعلى هذا، «الفروع القانوني» غير
موجود في مكتب أهل البيت عليهم السّلام و من يحذوا حذوهم، بل كلما تحتاج إليه
الامة إلى يوم القيامة، في حياتهم الفردية و الاجتماعية، المادية أو المعنوية، فقد
ورد فيه حكم إلهي و تشريع إسلامي، فلا فراغ و لا خلأ أصلا، فلا يبقي محل لتشريع
الفقيه أو غيره.
فالذي للفقهاء دامت شوكتهم، أمران:
الأوّل: الجهد و الاجتهاد في كشف هذه الأحكام عن أدلتها.
الثاني: تطبيقها على مصاديقها و تنفيذها بما هو حقها، و الأوّل هو الافتاء، و
الثاني هو الولاية و الحكومة.
و يدل على ذلك امور:
1- آيات من كتاب اللّه:
منها: قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ
لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ
الْإِسْلامَ دِيناً[1] و كيف يكون الدين كاملا لو خلت الوقائع عن الأحكام اللازمة؟ و كيف يكون الدين
خاتما و الشريعة عالمية مع عدم وجود ما يغني الإنسان إلى آخر الدهر، و في جميع
أقطار العالم من الأحكام و الشرائع؟