عصرنا هذا، الذي ازدهرت الحضارة البشرية فيها، و اتسع نطاق العلوم و الفنون و
الصنائع و الحرف، و لا يقدر الإنسان على الخبروية في جميعها، بل و لا في شطر منها
إلّا في ناحية صغيرة.
فالولي الفقيه في هذه الموارد إنّما يستنبط الحكم على موضوعه و يأمر بانفاذه،
أمّا معرفة مصاديقه و موضوعاته فهو في هذا القسم خارج عن قدرته غالبا و لا بدّ له
من الرجوع إلى أهله، و لكن لا شك في اعتبار كونهم مأمونين على الدين و الدنيا و
كلما يعتبر في المشير يعتبر فيهم، بل و أزيد، و ضرر الرجوع إلى الخبراء غير
المأمونين قد يكون أزيد من ترك الرجوع إليهم كما لا يخفى على الخبير.
و هل يعتبر فيهم الإيمان مضافا إلى الوثاقة؟
لا شك في أنّهم إذا كانوا مؤمنين كان أحسن و أفضل، بل ما دام يمكن الوصول إلى
أهل الإيمان لا ينبغي الرجوع إلى غيرهم، و لكن قد يكون الخبراء إلّا من غير أهل
الإيمان مع الأمن منهم، و حينئذ لا مناص عن الرجوع إليهم و لكن مع الاحتياط و
الحذر اللازم، كما ورد في التواريخ من رجوع أمير المؤمنين علي عليه السّلام عند ما
ضربه اللعين، ابن الملجم إلى الطبيب النصراني [1].
و الدليل على ذلك كله أدلة وجوب التقليد و الرجوع إلى أهل الخبرة، فانّ بعضها
عام يشمل الموضوعات و غيرها كبناء العقلاء على رجوع الجاهل إلى العالم و آية
السؤال، مضافا إلى سيرته صلّى اللّه عليه و آله و أمره عبد اللّه بن رواحة لتخمين
مقدار الثمر لأخذ الزكاة و غيرها من أمثالها.
و الدليل على ذلك كله أدلة وجوب التقليد و الرجوع إلى أهل الخبرة، فانّ بعضها
عام يشمل الموضوعات و غيرها كبناء العقلاء على رجوع الجاهل إلى العالم و آية
السؤال، مضافا إلى سيرته صلّى اللّه عليه و آله و أمره عبد اللّه بن رواحة لتخمين
مقدار الثمر لأخذ الزكاة و غيرها من أمثالها.
4- لزوم الأخذ بأحكام الشرع في جميع اموره
الفقيه بما أنّه صاحب الفتوى و مرجع التقليد يستنبط الأحكام الشرعية عن
مداركها، و لكن بما أنّه حاكم على الناس يكون مجريا لهذه الأحكام و محققا لها في
الخارج، فهو من
[1]. نقله أبو الفرج الاصفهاني صاحب
الأغاني (كما في منتهى الآمال للمحدث القمي قدّس سرّه).