الفقهاء لم تستقر إلّا على ذلك، فلم نر في مورد من الموارد إلّا الأخذ بما هو
صلاح الامة و ما هو أجمع لمصلحة المؤمنين، بل لم نر موردا أخذا بما فيه مصلحة
شخصيهما، و كلماتهما مشحونة بما ذكرنا كما يأتي الإشارة إلى بعضها.
نعم قد ورد في روايات عديدة أنّ الدنيا (أو الأرض) كلها للّه و لرسوله و
للأئمّة عليه السّلام و عقد له في الكافي بابا [1] و لكن مع ذلك لم يعملوا بين الناس إلّا بما
ورد في الشرع من الحقوق.
ثالثها: الآيات و الروايات الكثيرة الدالة على وجوب تحري الصالح أو الأصلح على
أئمّة المسلمين و قادتها و أنّه لا يجوز لهم غير ذلك، و إليك الإشارة إلى بعضها:
1- قوله تعالى: وَ لَيَنْصُرَنَّ
اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِنْ
مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا
بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ[2] دلّ على أنّ
الحكومة ذريعة لهذه الامور الأربعة التي فيها المصالح الاخروية و الدنيوية للامة و
أنّ اللّه وعد بنصر من يقوم بها.
2- قوله، حاكيا عن شعيب عليه السّلام:
إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَ ما تَوْفِيقِي إِلَّا
بِاللَّهِ[3].
3- ما ورد في نهج البلاغة: «أنّه لا بدّ للناس من أمير بر أو فاجر، يعمل في
أمرته المؤمن و يستمتع فيها الكافر، و يبلغ اللّه فيها الأجر، و يجمع به الفىء، و
يقاتل به العدو، تأمن به السبل، و يؤخذ به للضعيف من القوي» [4].
فهذه امور خمسة ينتظر من الوالي إجرائها.
4- ما ورد فيه أيضا: «أيّها الناس إنّ ليّ عليكم حقّا و لكم عليّ حق، فأمّا
حقّكم علىّ فالنصيحة لكم و توفير فيئكم عليكم، و تعليمكم كي لا تجهلوا و تأديبكم
كيما تعلموا» [5]