أو تداري في شيء من الأخذ أو العطاء أن تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفساق،
اجعلوا بينكم رجلا قد عرف حلالنا و حرامنا، فإنّي قد جعلته عليكم قاضيا، و إياكم
أن يخاصم بعضكم إلى السلطان الجائر» [1].
و الكلام فيه أيضا من جهة السند و الدلالة:
و أمّا الأوّل فالعمدة في جواز العمل بها شهرتها و اشتهار العمل بها بين
الأصحاب، حتى سميت مشهورة، و إلّا فنفس الراوي (أبو خديجة) فهو محل للكلام، و اسمه
«سالم بن مكرم» فقد صرح النجاشي بانّه ثقة بينما ضعفه الشيخ قدّس سرّه في بعض
كلماته فقال: إنّه ضعيف جدّا، و عنه في بعض كلماته أنّه ثقة، و توقف العلّامة قدّس
سرّه في الخلاصة في أمره لتعارض الأقوال فيه [2].
و لعل خلاف العلمين فيه ناش عمّا ذكروه في الرجل من أنّه كان في بعض أيّامه
منصرفا عن الحق، تابعا لأبي الخطاب الملحد المعروف، حتى هداه اللّه و رجع عنه إلى
الطريق السوى فراجع.
و حينئذ يشكل الاعتماد على أحاديثه بعد عدم معلومية كون نقل هذا الحديث في أي
حالة من حالاته، و قوله «بعثني» و إن كان ظاهرا في حال سلامته و لكنه شهادة منه في
حق نفسه.
و أمّا من حيث الدلالة فظهورها في حكم العدول ممّا لا ينبغي الريب فيه، و من
الجدير بالذكر أنّه عنوان القضاء مع قوله «عليكم» و هذا يؤيد ما مرّ منّا في تفسير
المقبولة و أنّ للقاضي أيضا علوا، و لكن ليس هذه اللفظة في نسخة التهذيب و كذا ليس
في نسخة الكافي (راجع، ج 7، ص 412) و كذا في روضة المتقين (راجع، ج، 6 ص 6 كتاب
القضاء) و كذا الجواهر (راجع، ج 40، ص 1) كما أنّه ذكر في مقابل الرجوع إلى القضاة
العدول، الرجوع إلى السلطان الجائر، و هذا يدل على أنّ المراد من الرجوع إليه
الرجوع إليه لإرجاعه إلى القضاة أو لتصديهم لمنصب القضاء في بعض الامور كما لا
يخفي على من راجع تاريخ
[1]. وسائل الشيعة، ج 18، الباب 11 من
أبواب صفات القاضي، ح 6.