أقول: أصل الدليل في المقام هو ما ذكره الشيخ قدّس سرّه في أول كلامه و هو
«أنّه لم يحصل منه ما يوجب انتقاله عنه شرعا».
و هو كذلك، لأنّ الانتقال إلى الغير يحتاج إلى أسباب لا يوجد أحدها في المقام،
و مجرّد التسليط على الثمن بانيا على كونه عوضا عن المبيع لا يوجب تملكه له، و ليس
من قبيل الهبة المجانية قطعا، بل قد لا يرضى المشتري باعطائه فلسا مجانا بل يحسب
الثمن حسابا دقيقا، و يناقش البائع الغاصب الفضولي مثل ما يناقش البائع الأصيل، من
دون أي فرق بينهما، و مجرّد علمه بعدم كونه مالكا لا ينافي ذلك بعد بنائه على
الملكية الادعائية، أو انتظاره لإجازة المالك الأصيل لو لم يكن غاصبا، و بالجملة
الحكم بعدم جواز رجوعه في الثمن هنا عجيب و إن كان يظهر من جماعة من الأصحاب و لا
نرى له وجها وجيها.
أمّا إذا كان تالفا فالمحكي عن المشهور عدم جواز الرجوع بل ادّعى عليه
الإجماع، قال العلّامة قدّس سرّه في «المختلف»: «إذا رجع المالك على المشتري
العالم (بالغصب) لم يكن للمشتري الرجوع على الغاصب البائع، لأنّه علم بالغصب فيكون
دافعا للمال بغير عوض، و اطلقوا القول في ذلك، و الوجه عندي التفصيل، و هو أنّ
الثمن إن كان موجودا قائما بعينه كان للمشتري الرجوع به، و إن كان تالفا فالحق ما
قاله علماؤنا» [1].
و قال في «الرياض»: «و هل يرجع بالثمن؟ المشهور، لا، مطلقا، لأنّه دفعه إليه و
سلطه عليه مع علمه بعدم استحقاقه، فيكون بمنزلة الاباحة، و قيد الشهيد الثاني بما
إذا تلف، أمّا مع بقائه فله الرجوع لأنّه ماله ... ثم قال: بل يحتمل الرجوع مطلقا،
وفاقا للمحقق في بعض فتاواه، لتحريم تصرف البائع فيه لأنّه أكل مال بالباطل فيكون
مضمونا عليه» [2].
و قال المحقق القمي قدّس سرّه في «جامع الشتات»: «إنّما الكلام في رجوع
المشتري إلى البائع ... و كيف كان فالأظهر الرجوع مع بقاء العين، و عدمه مع التلف» [3].