إذا دار الأمر بين وجوب شيء وحرمته سواء كان بنحو الشبهة الحكميّة (كما إذا
دار الأمر في زمن الغيبة بين وجوب صلاة الجمعة وبين حرمتها مع قطع النظر عن اعتبار
القربة في الصّلاة أم كان بنحو الشبهة الموضوعيّة (كما إذا شككنا في أنّ متعلّق
النذر شرب هذا المائع في زمن خاصّ أو تركه) ففيه وجوه:
1- الحكم بالبراءة شرعاً وعقلًا نظير الشبهات البدوية بعينها.
2- وجوب الأخذ بأحدهما تخييراً شرعاً وعقلًا.
3- التخيير بين الفعل والترك عقلًا والحكم بالبراءة شرعاً.
4- التخيير بين الفعل والترك عقلًا مع التوقّف عن الحكم بشيء شرعاً.
5- التوقّف عن الحكم عقلًا وشرعاً.
واختار المحقّق الخراساني رحمه الله القول الثالث الذي يتركّب من جزئين:
التخيير بين الفعل والترك عقلًا، والحكم بالإباحة شرعاً، واستدلّ للجزء الأوّل
بحكم العقل بعدم الترجيح بين الفعل والترك، وللجزء الثاني بشمول مثل: «كلّ شيء لك
حلال حتّى تعرف أنّه حرام» له.
إن قلت: جريان البراءة في كلّ واحد من الطرفين معارض
لجريانها في الطرف الآخر.
قلنا: التعارض فرع لزوم المخالفة القطعيّة العمليّة
وهو مفقود في المقام.
إن قلت: إنّ العقل كما يستقلّ بوجوب الإطاعة عملًا
كذلك يحكم بوجوبها التزاماً وقلباً، والتمسّك بالأصل في الطرفين ينفي هذا المعنى.
قلنا: بناءً على تسليم وجوب الموافقة الالتزاميّة لا
منافاة بينه وبين جريان أصالة الحلّ، لإمكان الإنقياد القلبي الإجمالي بأن يلتزم
إجمالًا بالحكم الواقعي على ما هو عليه وإن لم يعلم بشخصه تفصيلًا وفي مقام الفعل،
ولا دليل على وجوب الأزيد منه على فرض القول بوجوبه.