هذا- مضافاً
إلى أنّ كلامه ينتقض بما ورد في الحياة الدنيا في آيات الكتاب بكلمة «إلّا» نظير
قوله تعالى «وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ»[2] وقوله سبحانه: «وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ»[3]
حيث لا شبهة في إفادة كلمة «إلّا» الحصر ولا ينكرها أحد فيما نعلم إلّاأبو حنيفة.
بقي هنا
شيء
وهو أنّ
دلالة كلمة «إنّما» على الحصر أيضاً ليست بالمفهوم بل هي بالمنطوق حيث إنّها
بمنزلة كلمة «فقط» أو كلمة «منحصراً» فكما إنّه لا إشكال في أنّ دلالتهما على
الحصر يكون من باب المنطوق كذلك ما تقوم مقامهما.
ومن أداة
الحصر كلمة «بل»
وقد ذكر لها
ثلاثة معان:
أحدها:
الإضراب عن الخطأ، أي الدلالة على أنّ المضروب عنه وقع عن غفلة أو غلطاً، نحو
«جاءني زيد بل عمرو»، ولا دلالة لها حينئذٍ على الحصر، وهو واضح.
ثانيها:
الإضراب عن الفرد الضعيف إلى الفرد القوي أو للدلالة على تأكيد المضروب عنه
وتقريره، كقولك: «أنت لا تقدر على ذلك بل ولا أبوك» وقولك: «زيد لا يقدر على
الجواب عن هذا بل ولا أعلم منه» وهذا أيضاً كالسابق.
ثالثها:
الدلالة على الردع وإبطال ما ثبت أوّلًا كما في قوله تعالى:
«أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ»[4] وقوله سبحانه: «وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ
وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ»[5]،