الوجه الأوّل: أنّ مدلول هذه الآيات عام، وما من عام إلّاوقد
خصّ، فتخصّص بأدلّة حجّية خبر الواحد.
ولكن هذا الجواب غير تامّ لأنّ لسان الآيات آبية عن التخصيص فإنّ قوله تعالى: «إِنَّ الظَّنَّ لَايُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئاً» مثلًا بمنزلة قولك: «إنّ زيداً ممّن لا اعتبار له ولا يمكن
الوثوق به أصلًا» الذي لا يناسب تخصيصك إيّاه بقولك مثلًا: «إلّا بالنسبة إلى هذه
المسألة وهذه المسألة، فيمكن الاعتماد عليه فيها» كما لا يخفى.
الوجه الثاني: أنّ مورد هذه الآيات هو اصول الدين ولا ربط
لها بالفروع.
وفيه: أنّه تامّ بالإضافة إلى بعضها كقوله تعالى: «وَإِنَّ الظَّنَّ لَايُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئاً» فإنّه لا إشكال في أنّه بقرينة الآية السابقه وردت في
مسألة الشرك وهي من الاصول، لكن بالنسبة إلى بعضها الآخر ليس بتامّ كقوله تعالى: «وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ
السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا» فلا ريب في أنّه مطلق يشمل الفروع أيضاً لأنّ السمع والبصر
مربوطتان بفروع الدين كما يستفاد هذا من استشهاد المعصوم عليه السلام بهذه الآية
في جواب من سأل عن حكم الغناء الذي يسمعه من دار جاره.
الوجه الثالث: ما أجاب به المحقّق النائيني رحمه الله عن هذه
الآيات وفقاً لمبناه في باب الأمارات فإنّه قال: «نسبة تلك الأدلّة إلى الآيات
ليست نسبة التخصيص بل نسبة الحكومة فإنّ تلك الأدلّة تقتضي إلغاء احتمال الخلاف
وجعل الخبر محرزاً للواقع فيكون حاله حال العلم في عالم التشريع» [4].
أقول: قد مرّ عدم تماميّة هذا مبنى وبناءً، أمّا
المبنى فلأنّ صفة العلم من الصفات التكوينيّة