الفصل الخامس: الكلام في مسألة وجوب الفحص وأنّه هل يجوز التمسّك بالعام قبل
الفحص عن المخصّص أو لا؟
والبحث فيه يقع في مقامين: المخصّص المتّصل والمخصّص المنفصل، حيث إن المخصّص
المتّصل أيضاً داخل في البحث عندنا خلافاً لما ذكر في الكفاية والتهذيب.
المقام الأوّل: في المخصّص المنفصل
المشهور على عدم جواز الرجوع إلى العام قبل الفحص عنه وادّعى عليه الإجماع،
وعليه عمل الفقهاء كلّهم (رضوان اللَّه عليهم) في أبواب الفقه، نظير عموم قوله
تعالى: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» الذي يحتمل فيه ورود مخصّصات، فلا يستدلّ فقيه به في
الموارد المشكوكة قبل الفحص عن تلك المخصّصات، وكذلك قوله تعالى: «وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ
جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاةِ»[1] إذا شككنا مثلًا في خروج من يكون السفر عمله أو من يكون
عاصياً في سفره أو يكون مقيماً للعشرة، فلا يتمسّك بذلك العموم قبل الفحص، إلى غير
ذلك من أشباهها.
فأصل وجوب الفحص ممّا لا إشكال فيه، إنّما الكلام في دليله كيما تتحدّد به
دائرة الفحص وتتعيّن به مقداره.
فنقول: قد ذكر هنا وجوه أبعة:
الوجه الأوّل: ما ذكره المحقّق الخراساني رحمه الله في
الكفاية وتبعه كثير من الأعلام، وحاصله: