responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أنوار الأصول نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 257

اختياره وإرادته تعالى فهي ناشئة حقيقة من اختيار اللَّه وإرادته، لأنّ إرادة الملزوم لا تنفكّ عن إرادة اللازم، فهذا هو الأمر بين الأمرين.

فهو كما ذكره بعض الأعلام نظير ما إذا فرضنا أنّ يد العبد مشلولة لا يتمكّن من تحريكها إلّا مع إيصال الحرارة إليها بالقوّة الكهربائيّة، فأوصل المولى القوّة إليها بوساطة سلك الكهرباء الذي يكون زرّه بيد المولى فقام العبد باختياره بفعل حسن أو قبيح، والمولى كان يعلم بذلك فحينئذ يكون الفعل اختياريّاً للعبد ويستند إليه حقيقة لأنّه صدر منه باختياره، ويستند إلى مولاه أيضاً حقيقة لأنّ السلك بيد المولى وهو الذي يعطي القوّة للعبد آناً فآناً.

نعم ما يستند إلى العبد إنّما هو نسبة المسؤوليّة، وما يستند إلى المولى إنّما هو نسبة الخالقية كما لا يخفى.

الثاني: دوافع القول بالجبر

وهي على ثلاثة أنواع: فلسفية، روحية (نفسانيّة)، سياسيّة.

أمّا الأسباب الفلسفية فهي امور:

1- ملاحظة تفاوت الأشخاص من حيث الذاتيات والاستعدادات، فبعضهم ذو سريرة حسنة ولبعضهم الآخر سريرة سيّئة خبيثة من أوّل الأمر وقبل التأثّر بتربية مربّ وتعليم معلّم من الخارج.

2- ملاحظة تأثير المحيط والعائلة، فالذين تولّدوا في محيط طيّب وعائلة طيّبة لهم روحيات وصفات طيّبة أيضاً في الغالب، وبخلاف الذين تولّدوا ونشأوا في محيط سيّى‌ء أو عائلة غير أصيلة فلهم خلقيات وضيعة دنيئة غالباً.

3- الانغمار في مسألة التوحيد الأفعالي وتوهّم أنّه لا يلائم فاعلية غير اللَّه تعالى في أفعاله.

4- عدم القدرة على حلّ مشكلة الإرادة وكيفية جريان قاعدة «الشي‌ء ما لم يجب لم يوجد» مع القول بالاختيار وعدم الجبر، فهذه الامور جميعاً أو شتاتاً صوّرت أنّ الحقّ مع مذهب الجبر، غفلوا عن أنّ تأثير النفسانيات أو المحيط والمجتمع إنّما هي على حدّ الاقتضاء والعلّية الناقصة، فربّ إنسان له سريرة حسنة لكن بسوء اختياره يهوى إلى النار، وربّ إنسان له سريرة سيّئة ينجو بحسن اختياره ويعمل على تحسين سريرته وخلقياته ويكون من أهل الجنّة.

نام کتاب : أنوار الأصول نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 257
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست