كما تفعل الأرضة، و أن تمزق وحدة الأمة و تفرق جمعها، و لهذا فلا بدّ من
مراقبة مستمرة و رعاية دائمة لهذه الوحدة، و لا يتم ذلك إلّا بالأمر بالمعروف، و
النهي عن المنكر.
و هذه الآية تتضمن دستورا أكيدا للأمة الإسلامية بأن تقوم بهاتين الفريضتين
دائما، و أن تكون أمة آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر أبدا لأن فلاحها رهن بذلك:
وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
يبقى أن نعرف أن «الأمة» مأخوذة لغة من «الأم» و هو كلّ ما انضم إليه الأشياء
الأخرى، أو كلّ شيء ضم إليه سائر ما يليه، و الأمة كلّ جماعة يجمعهم أمر جامع إما
دين واحد، أو زمان واحد، أو مكان واحد لهذا لا تطلق لفظة الأمة على الأفراد
المتفرقين، و الأشخاص الذين لا يربطهم رباط واحد.
سؤال
و هنا يطرح سؤال و هو: أن الظاهر من جملة «منكم أمة» هو جماعة من المسلمين لا
كافة المسلمين، و بهذا لا يكون الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر واجبا عامّا، بل
وظيفة دينية تختص بفريق من المسلمين، و إن كان انتخاب هذا الفريق الخاصّ من
مسئولية المسلمين جميعا.
و بعبارة أخرى أن جملة «منكم أمة» ظاهرة في أن هذين الأمرين، واجبان كفائيان
لا عينيان.
في حين أن آيات أخرى تفيد بأنهما عامان غير خاصين بجماعة دون اخرى، كما في آية
لا حقة و هي قوله سبحانه كُنْتُمْ
خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ.