تعالى: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا
مِمَّا تُحِبُّونَ فتأملت فيه، و غاصت في
معناه و تأثرت بندائه فقالت في نفسها: «إنه ليس هناك ما هو أحب إلي من هذا المصحف
المزين الثمين فلأنفقه في سبيل اللّه»، فأرسلت إلى باعة الجواهر و باعت جواهره و
أحجاره الكريمة عليهم ثمّ هيأت بثمنها آبارا و قنوات من الماء في صحراء الحجاز
ليشرب منه سكان الصحراء و ينتفع به المسافرون، و يقال أن بقايا هذه الآبار لا تزال
باقية و تدعى [1] باسمها
عند الناس.
و حتّى يطمئن المنفقون إلى أن أي شيء ممّا ينفقونه لن يعزب عن اللّه سبحانه و
لن يضيع، عقب اللّه على حثه للناس على الإنفاق ممّا يحبون بقوله: وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ
عَلِيمٌ إنه يعلم بما تنفقونه صغيرا أم كبيرا، تحبونه
أو لا تحبونه.
[1]- راجع تفسير أبي الفتوح الرازي ج
3 ص 157 في تفسير الآية.