الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ.
و من الإشارة في هذه الآية إلى عذاب الدنيا نفهم أنّ الكافرين- و هم هنا
اليهود- لا ينجون من العذاب. و هذا ما يؤكّده تاريخ اليهود، و من ذلك تفوّق
الآخرين عليهم كما جاء في الآيات السابقة.
ثمّ أشار القرآن الكريم إلى الفئة الثانية و قال وَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ
فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ. ثمّ يؤكد
القول: وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ.
تقديم مصير الكافرين على المؤمنين من أجل أن الكافرين بنبوّة المسيح عليه
السّلام كانوا يشكلون الأغلبية.
و الملفت للنظر أن الآية الاولى اكتفت بذكر الكفر فقط. أمّا الآية الثانية
فقرنت الإيمان بالعمل الصالح، و هذا إشارة إلى أن الكفر لوحده يكون سببا للعذاب
الإلهي. و لكن الإيمان لوحده لا يكفي للنجاة، بل لا بدّ و أن يقترن بالعمل الصالح.
و جملة وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ لعلّها ناظرة إلى أن جميع معاني الكفر و الأعمال السيّئة
داخلة في مفهوم الظلم بمعناه الواسع. و من الواضح أن اللّه لا يحب الظالمين و لا
يقدم على ظلم عباده بل يوفيهم أجورهم بالكامل.
و بعد ذكر تاريخ المسيح و بعض ما جرى له، يتّجه الخطاب إلى رسول الإسلام صلى
اللّه عليه و آله و سلّم فيقول: كلّ هذا الذي سردناه عليكم دلائل صدق لدعوتك و
رسالتك، و كان تذكيرا حكيما جاء بصورة آيات قرآنية نزلت عليك، تبيّن الحقائق في
بيان محكم و خال من كلّ هزل و باطل و خرافة.