وَ أُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ[1] يفيد هذا التعبير أنّ نار الجحيم مستعرة بوجود
المذنبين، و هؤلاء المذنبون هم الذين يديمون أوارها و لهيبها. نعم ثمّة آيات تقول
إنّ الحجارة أيضا تكون وقود نار جهنم بالإضافة إلى المذنبين. و لكن- كما قلنا في
تفسير الآية 24 من سورة البقرة في الجزء الأول- يمكن أن تكون هذه الحجارة هي
الأصنام التي كانوا ينحتونها من الحجر. و عليه فإنّ نار جهنّم تستعر بأعمال
المذنبين و بمعبوداتهم الباطلة.
ثمّ تشير الآية إلى نموذج من الأمم السالفة التي كانت قد أوتيت الثروة
الإنسانية و المادية الكثيرة، و لم تستطيع هذه الثروة أن تكون مانع من هلاكهم.
«الدأب» إدامة السير، و العادة
المستمرّة دائما على حالة واحدة. فهذه الآية تشبّه حال الكفّار المعاصرين لرسول
اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم بما كان آل فرعون قد اعتادوا عليه- و كذلك
الأقوام السابقة- من تكذيب آيات اللّه، فأخذهم اللّه بذنبهم و أنزل بهم عقابه
الصارم في هذه الدنيا.
هذا في الواقع إنذار للكافرين المعاندين على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و
آله و سلّم لكي يعتبروا بمصير الفراعنة و الأقوام السالفة، و يصحّحوا أعمالهم.
صحيح أنّ اللّه «أرحم الراحمين» و لكنه في المواضع و من أجل تربية عبيده «شديد
العقاب» أيضا، و لا ينبغي أن يغترّ العبيد برحمة مولاهم الواسعة أبدا.
يستفاد أيضا من «الدأب» أنّ هذه الاتّجاه الخطأ- أي العناد إزاء الحقيقة
[1]- سبق أن قلنا إنّ «الوقود» هو ما
تشتعل به النار كالحطب، لا ما تشتعل به النار كالكبريت.