أبو الحصين: كيف أجيز لنفسي أن أنظر إلى ولديّ يدخلان النار دون أن أفعل شيئا؟
فنزلت الآية.
التّفسير
الدين ليس إجباريّا:
إنّ آية الكرسيّ في الواقع هي مجموعة من توحيد اللّه تعالى و صفاته الجمالية و
الجلالية التي تشكّل أساس الدين، و بما أنّها قابلة للاستدلال العقلي في جميع
المراحل و ليست هناك حاجة للإجبار و الإكراه تقول هذه الآية: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ
الْغَيِ.
(الرشد) لغويا تعني الهداية للوصول
إلى الحقيقة، بعكس (الغيّ) التي تعني الانحراف عن الحقيقة و الابتعاد عن الواقع.
و لمّا كان الدين يهتّم بروح الإنسان و فكره و مبنيّ على أساس من الإيمان و
اليقين، فليس له إلّا طريق المنطق و الاستدلال و جملة: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ في الواقع إشارة إلى هذا المعنى، مضافا إلى أنّ المستفاد من شأن نزول هذه
الآية و أنّ بعض الجهلاء طلبوا من رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أن يقوم
بتغيير عقائد الناس بالإكراه و الجبر فجاءت الآية جوابا لهؤلاء و أنّ الدين ليس من
الأمور التي تفرض بالإكراه و الإجبار و خاصّة مع كلّ تلك الدلائل الواضحة و المعجزات
البيّنة التي أوضحت طريق الحقّ من طريق الباطل، فلا حاجة لأمثال هذه الأمور.
و هذه الآية ردّ حاسم على الذين يتهمّون الإسلام بأنّه توسّل إحيانا بالقوّة و
بحدّ السيف و القدرة العسكرية في تقدّمه و انتشاره، و عند ما نرى أنّ الإسلام لم
يسوّغ التوسل بالقوّة و الإكراه في حمل الوالد لولده على تغيير عقيدته الدينيّة
فإنّ واجب الآخرين بهذا الشأن يكون واضحا، إذ لو كان حمل الناس على تغيير