رب المستضعفين، و أنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته
أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ...» [1].
كانوا يسمونه ساحرا تارة، و أخرى يخاطبونه بالمجنون.
كانوا يلقون التراب و الرماد على رأسه حينا، و حينا يجمعون على قتله، فيحاصرون
بيته بالسيوف و الرماح.
إلّا أنّه رغم كلّ تلك الظروف استمر في صبره و صموده و استقامته.
و أخيرا جنى الثمرة الطيبة لهذه الشجرة المباركة، فقد عمّ دينه شرق العالم و
غربه، لا جزيرة العرب وحدها، و يدوّي اليوم صوت انتصاره صباح مساء في كلّ أرجاء
الدنيا، و في قارات العالم الخمسة، و هذا هو معنى: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ.
و هذا هو طريق محاربة الشياطين، و طريق الإنتصار عليهم، و الوصول إلى الأهداف
الإلهية السامية.
إذا كان الأمر كذلك، فكيف يطمح طلاب الراحة و السلامة إلى أن يصلوا إلى
أهدافهم الكبيرة من دون صبر و تحمل للعذاب و الآلام؟
و كيف يأمل مسلمو اليوم أن ينتصروا على كلّ هؤلاء الأعداء الذين اجتمعت كلمتهم
على إفنائهم و القضاء عليهم، دون الاستلهام من دين نبي الإسلام الأصيل؟
و القادة الإسلاميون بخاصة مأمورون بهذا الأمر قبل الجميع، كما
ورد في حديث عن أمير المؤمنين علي عليه السّلام: «إنّ الصبر على ولاة الأمر مفروض، لقول اللّه عزّ و جلّ لنبيّه: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ و إيجابه مثل ذلك على أوليائه و أهل طاعته بقوله: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» [2].
اللّهمّ امنحنا هذه الموهبة العظيمة، هذه العطية السماوية، و هذا الصبر و
الثبات