فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَ لا يَشْقى.
و من أجل أن يتّضح أيضا مصير الذين ينسون أمر الحقّ، فقد أضاف تعالى وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً
ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى.
قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَ كَذلِكَ
الْيَوْمَ تُنْسى و تعمى عينك عن رؤية نعم اللّه و مقام قربه.
أمّا الآية الأخيرة من الآيات محلّ البحث فهي بمثابة الاستنتاج و الخلاصة إذ
تقول: وَ كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَ لَمْ
يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَ أَبْقى.
بحوث
1- الغفلة عن ذكر الحقّ و آثارها
قد توصد أحيانا كلّ أبواب الحياة بوجه الإنسان، فكلّما أقدم على عمل يجد
الأبواب المغلقة، و قد تنعكس الصورة فأينما اتّجه يرى الأبواب مفتّحة في وجهه، و
قد تهيأت له مقدّمات العمل، و لا يواجه عقبات في طريقه، فيعبّر عن هذه الحالة بسعة
العيش و رغده، و عن الأولى بضيق المعيشة و شظفها، و المراد من قوله تعالى:
مَعِيشَةً ضَنْكاً[1] الوارد في الآيات محلّ البحث هو هذا المعنى أيضا.
و قد يكون ضيق العيش ناتجا أحيانا من قلّة المورد، و قد يكون المرء كثير المال
موفور الثراء. إلّا أنّ البخل و الحرص و الطمع يضيق عليه معاشه، فلا يميل إلى فتح
باب داره للآخرين لمشاركته نعيمه، بل و لا يميل إلى الإنفاق على نفسه أيضا، و على
قول الإمام علي عليه السّلام: «يعيش عيش
الفقراء و يحاسب حساب
[1]- الضنك: المشقّة و الضيق، و هذه
الكلمة تأتي دائما بصيغة المفرد، و ليس لها تثنية و لا جمع و لا تأنيث.