القرآن يقول: إنّ العامل الأساس هو الإعراض عن ذكر اللّه، فإنّ ذكر اللّه يبعث
على اطمئنان الروح و التقوى و الشهامة، و نسيانه مبعث الاضطراب و الخوف و القلق.
عند ما ينسى الإنسان مسئولياته بعد أن ينسى ذكر اللّه، فإنّه سيغرق في خضمّ
الشهوات و الحرص و الطمع، و من الوضوح بمكان أنّ نصيبه سيكون المعيشة الضنك، فلا
قناعة تملأ عينه، و لا اهتمام بالمعنويات تغني روحه، و لا أخلاق تمنعه أمام طغيان
الشهوات.
و أساسا فانّ ضيق الحياة ينشأ في الغالب من النقائص المعنوية و انعدام الغنى
الروحي ... ينشأ من عدم الاطمئنان إلى المستقبل، و الخوف من نفاد الإمكانيات
الموجودة، و العلاقة المفرطة بعالم المادّة، بينما نجد أنّ الإنسان الذي يؤمن
باللّه، و تعلّق قلبه بذاته المقدّسة، يعيش بعيدا عن كلّ هذه الاضطرابات، و في
مأمن منها.
إلى هنا كان الكلام عن الفرد، و عند ما نأتي إلى المجتمعات التي أعرضت عن ذكر
اللّه، فإنّ المسألة ستكون أشدّ رعبا و خطرا، فإنّ المجتمعات البشرية على رغم
تقدّمها الصناعي المذهل، و بالرغم من توفّر كلّ وسائل الحياة، فهي تعيش في حالة
اضطراب و قلق شديد، و مبتلاة بضائقات عجيبة و ترى نفسها سجينة.
فكلّ فرد يخاف من الآخرين، و لا يعتمد أحد على الآخر، و الروابط و العلاقات
تتمحور حول محور المصالح الشخصيّة، و سبّاق التسلح- نتيجة الخوف من الحرب- يلتهم و
يستهلك أغلب إمكانياتهم الاقتصادية.
السجون مليئة بالمجرمين، و تقع في كلّ ساعة و دقيقة- و طبقا للإحصاءات
الرسميّة- حوادث قتل و جرائم مرعبة ... التلوّث بالفحشاء، و الإدمان على المواد
المخدّرة قد استعبد هؤلاء، و لا يوجد في عوائلهم نسمة حبّ، و لا ارتباط عاطفي