لا شكّ أنّ
مدّة توقّف هؤلاء كانت طويلة، إلّا أنّها تبدو قصيرة جدّا في مقابل عمر القيامة. و
إنّ تخافتهم هذا بالكلام إمّا هو للرعب و الخوف الشديد الذي ينتابهم عند مشاهدة
أهوال القيامة، أو أنّه نتيجة شدّة ضعفهم و عجزهم.
و احتمل بعض
المفسّرين أن تكون هذه الجملة إشارة إلى مكثهم في الدنيا، و الذي يعدّ أيّاما
قلائل بالنسبة للآخرة و حوادثها المخفية.
ثمّ يضيف:
نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ سواء تكلّموا بهمس أم بصراخ، و بصوت
خفي أم عال إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا
يَوْماً.
و من المسلّم
به أنّه: لا العشر مدّة طويلة، و لا اليوم كذلك، إلّا أنّ هناك تفاوتا بينهما، و
هو أنّ اليوم الواحد إشارة إلى أقل أعداد الآحاد، و العشرة إشارة إلى أقلّ أعداد
العشرات، و لذلك فإنّ الأوّل يشير إلى مدّة أقل، و لذلك عبّر القرآن عمّن قال به ب
أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً لأنّ قصر عمر الدنيا أو البرزخ في
مقابل عمر الآخرة، و كذلك كون كيفيتهما و حالهما لا شيء أمام كيفيّة و حال
الآخرة، و يكون أنسب مع أقل الأعداد. (فلاحظوا بدقّة).
جاءت هنا
بصيغة المذكّر، فإنّ المضاف إليه هو (ليال) و الذي يجب أن يكون مؤنثا حتما، أمّا
لو كان المضاف إليه (أيّام) فكان يجب أن يقال: عشرة. إلّا أنّ بعض أدباء العرب نقل
بأنّ العدد إذا ذكر مطلقا و حذف تمييزه فلا تجري القاعدة السابقة، و بناء على هذا
فإنّ (عشرا) هنا إشارة إلى عشرة أيّام.