ثمّ تضيف:
خالِدِينَ فِيهِ وَ ساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلًا
و الملفت للنظر هنا أنّ ضمير (فيه) في هذه الآية يعود إلى (الوزر) أي أنّ هؤلاء سيبقون
دائما في وزرهم و مسئوليتهم و حملهم الثقيل (و لا دليل لدينا كي نقدّر شيئا هنا و
نقول: إنّ هؤلاء سيخلدون في العذاب أو في الجحيم) و هذا بنفسه إشارة إلى مسألة
تجسّم الأعمال، و إنّ الإنسان يرى الجزاء الحسن أو العقاب في القيامة طبقا لتلك
الأعمال التي قام بها في هذه الدنيا.
ثمّ تتطرّق
الآيات إلى وصف يوم القيامة و بدايته، فتقول: يَوْمَ
يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَ نَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً
و كما أشرنا سابقا، فإنّه يستفاد من آيات القرآن أنّ نهاية هذا العالم و بداية
العالم الآخر ستتمّان بحركتين عنيفتين فجائيتين، و عبّر عن كلّ منهما ب (نفخة
الصور)، و سنبيّن ذلك في سورة الزمر ذيل الآية 68 إن شاء اللّه تعالى.
لفظة «زرق»
جمع «أزرق» تأتي عادة بمعنى زرقة العين، إلّا أنّها تطلق أحيانا على القاتم جسده
بسبب الشدّة و الألم، فإنّ البدن عند تحمّل الألم و التعب و العذاب يضعف، و يفقد
طراوته، فيبدو قاتما و كأنّه أزرق.
و فسّر بعضهم
هذه الكلمة بمعنى «العمى»، لأنّ الأشخاص زرق العيون يعانون و يبتلون عادة بضعف
شديد في البصر، و ذلك يقترن عادة بكون كلّ شعر بدنهم أبيضا. إلّا أنّما ذكرناه
آنفا من تفسير ربّما كان هو الأنسب.
في هذه الحال
يتحدّث المجرمون فيما بينهم بإخفات حول مقدار مكوثهم و بقائهم في عالم البرزخ،
فبعضهم يقول: لم تلبثوا إلّا عشر ليال، أو عشرة أيّام بلياليها:
يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً[1].
[1]- العدد في لغة العرب من 3 إلى 10 يخالف
المعدود في الجنس، فإذا كان العدد مذكّرا كان المعدود مؤنثا، فإنّ (عشرا) لما