للعجل! و على
هذا فلا تتعب نفسك كثيرا، و كفّ عنّا يدك! و بهذا لم يذعن بنو إسرائيل لأمر العقل
و لا لأمر خليفة قائدهم و زعيمهم أيضا.
و لكن، كما
كتب المفسّرون- و القاعدة تقتضي ذلك أيضا- فإنّ هارون لمّا أدّى رسالته في هذه
المواجهة، و لم يقبل أكثر بني إسرائيل كلامه، ابتعد عنهم بصحبة القلّة الذين
اتّبعوه، لئلّا يكون اختلاطهم بهؤلاء دليلا على إمضاء طريقهم المنحرف.
و العجيب أنّ
بعض المفسرين ذكروا أنّ هذا التبدّل و الانحراف في بني إسرائيل قد حدث في أيّام
قليلة فحسب، فبعد أن مضت (35) يوما على ذهاب موسى عليه السّلام إلى ميقات ربّه،
شرع السامري بعمله، و طلب من بني إسرائيل أن يجمعوا كلّ أدوات الزينة التي أخذوها
كعارية من الفراعنة و ما أخذوه منهم بعد غرقهم، و وضعوها جميعا في اليوم السادس و
الثلاثين و السابع و الثلاثين و الثامن و الثلاثين في موقد النّار، و أذابوها ثمّ
صنعوا منها تمثال العجل، و في اليوم التاسع و الثلاثين دعاهم السامري إلى عبادته،
فقبلها جماعة عظيمة- و على بعض الرّوايات ستمائة ألف شخص- و في اليوم التالي، أي
في نهاية الأربعين يوما، رجع موسى [1].
و لكن افترق
عنهم هارون مع القلّة من المؤمنين الثابتين، و الذين كان عددهم قرابة اثني عشر
ألفا، في حين أنّ الأغلبية الجاهلة كادوا أن يقتلوه!