رأيتموها:
أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ
مَوْعِدِي[1] فقد عاهدتكم على أن تثبتوا على خطّ التوحيد و
طريق طاعة اللّه الخالصة، و أن لا تنحرفوا عنه قيد أنملة، إلّا أنّكم نسيتم كلّ
كلامي في غيابي، و كذلك تمردّتم على طاعة أمر أخي هارون و عصيتموه.
فلمّا رأى
بنو إسرائيل أنّ موسى عليه السّلام قد عنّفهم بشدّة و لا مهم على فعلهم و تنبّهوا
إلى قبح ما قاموا به من عمل، هبوا للاعتذار ف قالُوا
ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا[2]
فلم نكن في الواقع قد رغبنا و صمّمنا على عبادة العجل وَ
لكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ
أَلْقَى السَّامِرِيُ.
و للمفسّرين
آراء فيما فعله بنو إسرائيل، و ما فعله السامري، و ما هو معنى الآيات- محلّ البحث-
على نحو الدقّة، و لا يبدو هناك فرق كبير في النتيجة بين هذه الاختلافات.
فذهب بعضهم: إن
«قذفناها» تعني أنّنا ألقينا أدوات الزينة التي كنّا قد أخذناها من الفراعنة قبل
الحركة من مصر في النّار، و كذلك ألقى السامري ما كان معه أيضا في النّار حتّى ذاب
و صنع منه عجلا.
و قال آخرون:
إنّ معنى الجملة أنّنا ألقينا أدوات الزينة بعيدا عنّا، فجمعها السامري و ألقاها
في النّار ليصنع منها العجل.
و يحتمل أيضا
أن تكون جملة فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُ إشارة إلى
مجموع الخطّة التي نفذّها السامري.
[1]- من البديهي أن لا أحد يصمّم على أن يحلّ
عليه غضب اللّه، بل المراد من العبارة أنّكم في وضع كأنّكم قد صمّمتم مثل هذا
التصميم في حقّ أنفسكم.
[2]- «ملك» و «ملك» كلاهما تعني تملّك الشيء، و
كأنّ مراد بني إسرائيل أننا لم نتملّك هذا العمل، بل وقعنا تحت تأثيره حتّى اختطف
قلوبنا و ديننا من أيدينا. و اعتبر بعض المفسّرين هذه الجملة مرتبطة بجماعة قليلة
من بني إسرائيل لم تعبد العجل، و يقال إنّ ستمائة ألف شخص من هؤلاء أصبحوا من عبدة
العجل، و بقي منهم إثنا عشر ألف فقط على التوحيد. لكن يبدو أنّ التّفسير الذي قلنا
أعلاه هو الأصحّ.