ذكر في هذه
الآيات فصل آخر من حياة موسى عليه السّلام و بني إسرائيل، و يتعلّق بذهاب موسى
عليه السّلام مع و كلاء و ممثّلي بني إسرائيل إلى الطور حيث موعدهم هناك، ثمّ
عبادة بني إسرائيل للعجل في غياب هؤلاء.
كان من
المقرّر أن يذهب موسى عليه السّلام إلى «الطور» لتلقّي أحكام التوراة، و يصطحب معه
جماعة من بني إسرائيل لتتّضح لهم خلال هذه الرحلة حقائق جديدة حول معرفة اللّه و
الوحي.
غير أنّ شوق
موسى عليه السّلام إلى المناجاة مع اللّه و سماع ترتيل الوحي كان قد بلغ حدّا بحيث
نسي في هذا الطريق- حسب الرّوايات- كلّ شيء حتّى الأكل و الشرب و الاستراحة، فطوى
هذا الطريق بسرعة، و وصل لوحده قبل الآخرين إلى ميقات اللّه و ميعاده. هنا نزل
عليه الوحي: وَ ما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى؟
فأجاب موسى
على الفور: قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَ عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ
لِتَرْضى فليس شوق المناجاة و سماع كلامك لوحده قد سلب قراري، بل كنت مشتاقا
إلى أن آخذ منك أحكام التوراة بأسرع ما يمكن لأؤدّيها إلى عبادك، و لأنال رضاك
عنّي بذلك ... أجل إنّي عاشق لرضاك، و مشتاق لسماع أمرك.
و في هذا
اللقاء امتدّت مدّة الإشراقات و التجليّات المعنوية الإلهيّة من ثلاثين ليلة إلى
أربعين، و أدّت الأجواء المهيأة لانحراف بني إسرائيل دورها، فالسامري، ذلك الرجل
الفطن و المنحرف صنع باستعماله الوسائل التي سنشير إليها فيما بعد عجلا، و دعا تلك
الجماعة إلى عبادته، و أوقعهم فيها.
لا شكّ في
أنّ الأرضيات، كمشاهدة عبادة المصريين للعجل، أو مشاهدة مشهد عبادة الأصنام- العجل
بعد عبور نهر النيل، و طلب صنع صنم كهؤلاء، و كذلك تمديد مدّة ميعاد موسى، و
انتشار شائعة موته من قبل المنافقين، و أخيرا