فيأتي الجواب نابعا من الفطرة التي فطرة اللّه الناس عليها، و هي الاعتراف
بربوبيّته تعالى سَيَقُولُونَ لِلَّهِ و بعد هذا الاعتراف الواضح فلما ذا لا تخافون اللّه، و لا
تعترفون بالمعاد و بعث الإنسان مرّة ثانية:
قُلْ أَ فَلا تَتَّقُونَ.
و اسألهم مرّة أخرى عن سيادة اللّه على السماوات و الأرض قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ. و من الذي يجير اللاجئين و جميع المحرومين و لا يحتاج إلى
اللجوء إلى أحد: وَ هُوَ يُجِيرُ وَ لا يُجارُ عَلَيْهِ، إِنْ كُنْتُمْ
تَعْلَمُونَ.
فيعترفون بأنّ العالم و مالكيته و حكومته و إجارة الآخرين يعود للّه فقط سَيَقُولُونَ لِلَّهِ.
قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ أي: كيف تقولون: إنّ الرّسول صلى اللّه عليه و آله و سلّم سحركم رغم كلّ هذا
الاعتراف و الإقرار منكم؟! إنّها لحقائق اعترفتم بها في كلّ مرحلة، فقد أقررتم
بأنّه سبحانه مالك الوجود و خالقه، و أنّه المدير و المدبّر و الحاكم و الملجأ،
فكيف لا يستطيع من له كلّ هذه القدرة و الحكم و الحكمة، إعادة الإنسان إلى تراب و
بعثه ثانية كما خلقه أوّل مرّة؟
لماذا تفرّون من الخضوع للحقيقة؟ و لماذا تتّهمون النّبي الأكرم بالسحر و
قلوبكم تعترف بهذه الحقائق؟! و أخيرا يقول القرآن في عبارة مختصرة ذات دلالة كبيرة
بأنّه ليس سحرا و لا شعوذة و لا شيء آخر:
بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ.
لقد بيّن اللّه الحقائق للناس بإرساله الأنبياء و الرسل إليهم و لكنّهم عصوا
أمره، و لم يستجيبوا له فيما يحييهم من عبادته و إقامة أحكامه الهادية لكلّ خير،
المنقذة من كلّ شرّ.