إنّ ذلك لا يصدق! لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ
وَ آباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ فكانت وعودا
كاذبة، و إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ فإعادة الخلق أسطورة، و الحساب و الكتاب أساطير أخرى، و
كذا الجنّة و النّار.
و لكون الكفّار و المشركين أشدّ خوفا من اليوم الآخر و ما فيه من هول الحساب و
عدل الكتاب، تذرّعوا بالأوهام لتسويغ إعراضهم عن الحقّ و تمسّكهم بالباطل.
و لهذا سدّدت الآيات موضع البحث ضربة قويّة إلى هذا المنطق الواهي من ثلاث
طرق: بتذكيرها الإنسان بمالكية اللّه لعالم الوجود المترامي الأطراف، و ربوبيته
له، و سيادته عليه. و تستنتج- من جميع الأبحاث- قدرة اللّه و سهولة المعاد عليه
سبحانه، و أنّ عدالته و حكمته تستلزمان أن يعقب هذا العالم عالم آخر و حياة أخرى.
و ممّا يلفت النظر أنّ القرآن يأخذ من المشركين اعترافا بكلّ مسألة، فيعيد
كلامهم ليثبت إقرارهم.
ثمّ تضيف الآية أنّهم يؤمنون باللّه خالق الوجود وفق نداء الفطرة النابع من
ذاتهم، و سيجيبونك و: سَيَقُولُونَ لِلَّهِ فأجبهم: قُلْ أَ
فَلا تَذَكَّرُونَ كيف تتصوّرون استحالة إحياء
الموتى بعد اعترافكم الصريح؟
ثمّ يأمر رسوله مرّة ثانية أن يسألهم:
قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.
[1]- تقديم التراب على العظام إما
لعودة التراب إلى الحياة الأولى هي أعجب من عودة العظام، و إما لأن الأجداد أصبحوا
ترابا و الآباء عظاما نخرة، و إما لصيرورة لحم الإنسان ترابا قبل العظام، ثم تتحول
العظام إلى تراب.