رأي العامّة. و بما أنّ المتسلّطين لا يسعون لتوعية رعاياهم، بل يجتهدون في
استدامة غفلة الناس و ضآلة اطّلاعهم على ما ينهض بتقدّمهم و ازدهار حياتهم،
ليتسنّى لهؤلاء الاستمرار في الهيمنة على الناس و العبث بمصيرهم، لذلك جعلوا
الأكثرية الكميّة معيارا لإسكات الأصوات المعترضة.
و لو دقّقّنا في وضع المجتمعات المعاصرة و القوانين و الأنظمة السائدة، لوجدنا
أكثر مصائبهم نابعة من اللجوء إلى ما يسمّى رأي الأكثرية.
فما أسوأ القوانين و أقبح المقرّرات التي جعلتها «الأكثرية»، و ما أكثر الفتن
و الحروب التي اندلعت بسبب رأي الأكثرية الجاهلة، و ما أعظم المظالم و أشكال
العدوان التي قرّرت الأكثرية صحّتها و مشروعيتها!!